الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

الجزائر ــ مصر.. والزحف العسكري المنتظر

الجزائر ومصر تختلفان في المزاج العام، وفي موقف شعبيهما من سلطة الدولة المركزية، وفي ثقافة السلطة من حيث الاقتراب من الحاكم والاعتقاد في قوته والتسليم له أو رفضه والثورة عليه في الحاضر والماضي، استناداً إلى ميراث تاريخي مختلف، وتختلفان أيضا في قضايا أخرى تعود بالأساس إلى طبائع البشر وأشكال العمران، وخواص الجغرافيا والموقع، وعلاقات الجيران، واختلاط الأعراق وتكويناتها، وحالات التعبير النفسية والوجدانية، وأفعال التاريخ، وتشكل القوة، وحجم التضحيات وما يتبعها من تأثر بالفقدان وبالموت، ومع ذلك كله فإنهما تلتقيان في القواعد الأساسية لبناء الدولة واستمراريتها، ومنهما على الخصوص، قوة الجيش، وتقاليد الحكم ذات الصلة بمصير الدولة.
ونتيجة لذلك فإن الرهان عن دور الجيش في البلدين ـ والحديث هنا لا يخص السيادة أو الدفاع عن حدود الدولة، أو توفير الأمن لها ـ مثَّل ولا يزال وسيبقى ملاذًا وإيواء إلى ركن شديد، حين تتقَّطع السبل بالشعوب من سطوة وسيطرة وطغيان هذا الحاكم أو ذاك حتى لو كان قادما من المؤسسة العسكرية، والمتابع في التجربتين المصرية والجزائرية، يلاحظ انتشار ثقافة العسكر داخل الدولتين مع أن الذين يحركون الشارع من المدنيين.. إنهم جيوش ستعترض قوتها في الميدان، من أجل كسب حروب دائمة، توشك أحيانا أن تؤدي إلى انفجار كلي، وحين يبلغ التوتر ذروته، وتظهر ملامح سقوط الدولة، تتنفس المؤسسة العسكرية في الدولتين الصعداء، فتبعد المتسبب حتى لو كان من قادتها، ومهما كانت المصالح والمنافع الجامعة معه.
في الجزائر كما في مصر تماما، هناك جنود خفاء داخل الجيشين، هم أبناء العصرنة والحداثة، غير أنهم صناع حقيقيون للفعل، يحسون بالانتماء للشعب وللدولة، ليسوا ولن يكونوا نياما في بلهنية، وهم يرون الفتن تعم البلدين، يجهل الشعبان أهميتهم في حياتنا.. إنهم السند أيام الشدة، والنور في مواجهة الظلام، يحسنون التصرف عند الشدائد، هم اليوم في لحظة اختيار صعب، بين تحقيق مطالب العامة المصحوبة بتهور نتيجة التراكم، وبين الحفاظ على استقرار الدولتين بالإبقاء على أولئك الذين تحتاجهم الدولة في كل زمان من أجل العبور إلى المستقبل، ورغم تلك الحيرة إلا أنهم لن يساندوا اليوم جدران صد آيلة للسقوط، ولن يدعموا من أفل نجمه.. فمرحبا بإشراقة يوم جديد يتحرك في الجيشان نحو زحف أكبر يقاتل على مستوى القيم من يولون الأدبار بما فيهم الذين يدعون حماية الدين، وهم في غيهم يعمهون.