الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

أمريكا والعرب بين الحماية والصداقة

مازال الرئيس الأمركي دونالد ترامب يعلن في كل مناسبة أن كل شيء بثمن، وأن أمريكا لن تحمى أحدا مجاناً، وأن الصداقة لا تعني أبدا الحرب بلا ثمن.

إن لأمريكا أقدم العلاقات التاريخية مع العالم العربي ولا توجد دولة عربية لم تقدم الدعم والمساندة لأمريكا ابتداء بالحرب، وانتهاء بالحرب الباردة، ولم يقتصر ذلك الدعم على دولة دون أخرى، ولكن كانت أمريكا من الدول التى احتلت مكانة خاصة في تاريخ العلاقات العربية الخارجية.

ولقد وقفت معظم الدول العربية مع أمريكا في سنوات الحرب الباردة ضد ما الاتحاد السوفييتي سابقاً، وكان البترول العربي هو الأساس الذي قامت عليه ثروات الاقتصاد الأمريكي دولة وأشخاصا، بل إن ثورة التكنولوجيا التي حدثت في أمريكا في السنوات الماضية قامت على ذلك.


ومن الجانب الآخر فإن الدول العربية دفعت بلايين الدولارات لصفقات السلاح الأمريكي، ومع ذلك قدمت بعض الدول العربية أراضيها كقواعد عسكرية للجيش الأمريكي، وأودعت كل أموالها في بنوكها.


إن أمريكا الآن تطلب ثمن حماية الدول العربية، وحين هاجمت إيران شركة أرامكو، كان واضحا التردد الأمريكي في قرار الحرب ومعاقبة إيران، وكان الرد الأسوأ ما أعلنه الرئيس ترامب صراحة، أن أمريكا تريد من أصدقاءها ثمن الحماية.

لقد كان واضحا أن أمريكا لن تدخل في حرب مع إيران رغم كل التهديدات التى خرجت من واشنطن وطهران، وإن إيران تعلم بذلك.

وقد نجحت أمريكا في صفقات السلاح، وطلب ثمن الحماية، وإن بقيت مترددة في أن تواجه إيران، أو تدخل في حرب معها لا تعرف مداها ولا نتائجها.

إن أمريكا خلقت شبحا غير إسرائيل، تخيف به العالم العربي وهو إيران وأصبح التنافس الآن من أشد خطرا على العرب، إيران أم إسرائيل، وقد انتهزت الأخيرة الفرصة، لتوهم بعض الدول العربية أن الخطر الحقيقي من إيران وليس منها.

إن العدوان على شركة أرامكو جريمة حرب بكل المقاييس، فكان ينبغي أن يكون الموقف الأمريكي أكثر جدية وحسماً خاصة أن الجريمة تاهت بين إيران و الحوثيين في اليمن، رُغم أنها بكل ما لديها من التكنولوجيا الحديثة لا تزال قادرة على معرفة الأيدي التى خربت هذه العملاق النفطي، وهذا العدوان على إمدادات النفط عدوان على اقتصاد أكبر دولة عربية.

إن أمريكا تربط الآن في عهد الرئيس ترامب بين الصداقة والحماية، وأن الحماية تعنى أن يدفع الأصدقاء الثمن، وهذا المنطق يدخل بالعلاقات العربية الأمريكية إلى منحدر جديد.

لا شيء لدى الأمريكان بلا ثمن، وهذا يعنى أن أمريكا لم تكتف بما سطت عليه من الأموال، لكنها سوف تأخذ آخر برميل من النفط، وآخر دولار في خزائن العرب.. وبعد ذلك تمضى ولن يراها أحد.