الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

كمْ تروضنا الحياة؟!

الزواج أصعب عقد يجريه الإنسان في حياته على الإطلاق، به ينتقل من الفردية إلى الشراكة الطوعية، فالزواج هو مشاركة كائن آخر تفاصيل حياتنا واطلاعه علينا عن قرب، وخروج طرفيّ الشراكة من شرنقة الذات المغلقة، وانكشاف كلاهما على الآخر، وبأدّق تفاصيله وطباعه، بخيره وشرّه، محاسنه ومساوئه.

هناك ثلاث احتمالات قد يمر بهما الزوجين، وهي، أن الطرف الأقوى هو من يسيطر على الطرف الآخر، ويُخضعه لسلطويته ولـ «طريقته» ومزاجه وشروطه في العيش!.

أمّا الاحتمال الثاني، فبعد الانكشاف وسقوط الأقنعة لكلا الطرفين وبكل مساوئه للآخر، هناك احتمال من رفض الطرف «المخذول»، أو المصدوم، فيعلن رغبته بالانفصال، دون إعطاء فرصة لاحتمالات التغيير أو المزيد من الصبر على أمل التعايش معاً.


أمّا الإحتمال الثالث، فهو الأكثر عقلنة، فبالرغم من المكاشفة، وظهور العيوب صغيرها وكبيرها، وبعد شد وجذب مطوّل في العلاقة، واعتراض الكثير من الخيبات والانكسارات، وما بين صد وغفران، وموجات متتابعة من المد والجزر يمّر بهما الزوجين، إلاّ أن صبر المتوج بروح المحبة والتضحيات التي يبذلها الشريكين لبعضهما البعض، يصقل العلاقة ويؤصلّها، محدثاً التغيير الذي يتأملانه.


ومع مرور الوقت، سنكتشف كم روضتّنا الحياة دون أن نشعر؛ ارتفاع كفاءتنا الذاتية في إدارة مشكلاتنا الزوجية، طالما كان هنالك حب نتلمس دفأه حتى في أوج خلافاتنا، يدفعنا للتجاوز، لتكبير عقولنا وتوسيع قلوبنا، ليصبح كل ما اعتقدناه بأنه غير قابلة للتعايش أو الغفران، تافهاً، وليس ذا قيمة أو تأثير على جوهر العلاقة وديمومتها، وسنضحك كثيراً على حماقاتنا، لأننا كابرنا وعاندنا قلوبنا ومشاعرنا، ولم نمنح أنفسنا فرصة ممكنة للعيش مع من نحب!.