السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

العراق اليوم.. يا لحال العرب!

الأزمة في العراق معقدة إلى درجة أن كثيرين منا يصعب عليهم تبسيطها أو حتى تفكيكها، فالعرق في تفكيرنا العميق ينطبق عليها المثل القائل: «ياويلي منك وياويلي عليك»، إذ لا أحد يلوم العراق ـ الوطن والتاريخ ــ على أيّ شيء يمكن أن ينتج، لأن هذا الوطن العميق لعب دورا بارزا في تاريخنا العربي، وكان محورا مهما على مر التاريخ، كما أنه غير في تاريخنا الشامل الكثير والكثير، فالتاريخ يحدثنا: أن العراق صلب في انسانه، وصلب في مبادئه، وصلب حتى في تنوعه.

من ناحية أخرى، فإن العراق هو أرض الخير العربي، وفي هذا السياق يروي عن أحد كبار السن في نجد قوله:«أنه سافر إلى العراق في بدايات القرن العشرين أو في منتصفه، فرأى المزارعين يجمعون محصولهم من القمح حتى يرتفع، وكأنه جبل صغير يستظل الناس بظله».. كل ذلك من الخير الذي كانت تنتجه أرض العراق.

تاريخ العراق ثري وغني، ومكانته في المنطقة العربية تجعلني أقول: أن ما يحدث في العراق أمراً محزناً للتاريخ العربي، لذلك فـ«نحن مع العراق».. مع التاريخ الذي ورثناه، فكل تراثنا ماهو إلا صفحات مليئة بذكر العراق، في الدين والفكر والشعر والأدب والعلوم، وكل تراثنا بني من جيناته، وكل رجالنا الأفذاذ خرجت بهم أرضه.


العراق ليس ملكا للعراقين فقط وليس ملكا لحكومتهم وحدها، إنما هو ملك للعرب ولتاريخهم القديم والحديث، ولتراثهم، لذلك فإن كل ما يحدث فيه يخدش ذلك التاريخ ويضيف صفحات مؤلمة على ذلك التراث، وما يحدث فيه مؤلم ليس من اليوم فحسيب ولكن منذ عقود طويلة تمتد الى منتصف القرن الماضي، وهذا ما جعلنا نحن العرب نشعر بالحساسية المفرطة تجاه ما يحدث في العراق وعلى أي مستوى.


كل ما نتمناه لبلاد الرافدين أن يكون نموذجا للاستقرار، وأن يستعيد كل عافيته، وأن يتجاوز ضائقته السياسية والأيديولوجية، وكم هو مؤلم لنا نحن العرب ان ينهك جسد الوطن العراقي بمزيد من الألم، بما يحمله من تاريخنا وتراثنا وفكرنا.

إن أصعب الأيام واقساها بالنسبة لنا نحن العرب أن نصل الى هذه المرحلة الخطيرة التي نفقد فيها البوصلة، ولا نستطيع تحديد توجهنا: كيف نكون؟، ومع من نكون؟، و ولا نملك نحن المحبين له إلا الأماني الصادقة، ودعاؤنا بأن يحفظ الله أرض العراق وأهله من كل سوء، وأن يُجنّبهم شرور الفتن.