السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

التغيير بالصّدمة وسنن التاريخ!

في علم إدارة الصراعات والأزمات والدول والمجتمعات، هناك ما يسمّى العلاج بالصّدمة، فبعض التغييرات تتطلب أوقاتا طويلة قد تمتد إلى عقود وربما قرون، في حين أنّ التغيير بالصّدمة قد لا يحتاج كما يرى أصحابه إلاّ لاتخاذ سياسات وقرارات وإجراءات صادمة ومفاجئة على أرض الواقع سواء في الساحات الدولية والإقليمية أو داخل المجتمعات، خاصة بعد فشل التقدم في قضية ما، أو لإجبار طرف ما على تقديم تنازلات وكأنّ الأمر هو بالشكل التالي: اصدم فأزّم ثم فاوض!.

وعادة ما يخفي هذا التغيير خلفه أزمة أو عجزاً ما عن إحداث الحل أو رغبة في الاعتداء على حق تاريخي للغير، وقد يكون نتاج نزعة يمينية - عنصرية استعلائية تكشف ماهية وحقيقة النظرة للصراعات والقضايا والأحداث، ورغبة في حرق المراحل الطبيعية تنفيذا لأجندة واستراتيجيات خاصة.

ونموذج اليوم في ذلك هو سياسات الرئيس الأمركي دونالد ترامب، استنادا إلى ما اتخذه من قرارات وإجراءات وتغييرات تخص نظرة أمريكا الخارجية والداخلية لجملة من القضايا والتي فاجأت العالم، وهي سياسات مدروسة الهدف منها صدم العالم لتغييره ومفاوضة أطرافه. وتبعه في ذلك بنيامين نتنياهو بما اتخذه من قرارات حرق فيها مراحل الصراع محاولا نقله مباشرة إلى محطة يتم فيها التفاوض على قضايا خارج دائرته التاريخية.


والمتتبع لسياسة الرئيس الهندي مودي في كشمير يلحظ أنّها كذلك تأتي في نفس سياق فلسفة التغيير بالصّدمة، وما تفعلة الصين مع مسلمي الإيغور كذلك ناتج عن نفس الفهم، وقد سبقهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم جزيرة القرم على هامش صراعه مع أوكرانيا والغرب.


هناك دول وأطراف اليوم تحاول إحداث صدمات هائلة في مجتمعاتها لعمل تغييرات جذرية للانتقال بها إلى مراحل فكرية واجتماعية وتاريخية جديدة، وبعض الأحداث والتفجيرات والاغتيالات والانقلابات، وغيرها في مناطق كثيرة من العالم تأتي كذلك في نفس مسار استرتيجية الصّدمة، حيث غالبا ما يتبع ذلك اتخاذ عدد من التدابير والقرارات الجذرية والمفاجئة.

لكن، هل التغيير بالصّدمات استرتيجية ناجحة لمن لجأ إليها؟، في الحقيقة إنّ نتائج الصراعات ومحاولات التغيير في التاريخ، تؤكّد لنا أنّ أي فكرة تغيير فيها تجاوز لثوابت وإرادة الشعوب وقضاياها العادلة، ومخالفة لقوانين التاريخ وسنن التغيير، معرّضة للفشل والإتيان بنتائج عكسية.