السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

وظائف بلا موظفين.. أزمة مهارات!

لا يمكن لراصد تحديات سوق العمل أن يَغفُل عن ظاهرة وَهَن المؤهلات، وتدني المهارات التي تتطلبها الوظائف للكثير من المتقدمين للعمل في عصرنا الرقمي الذكي، الذي لم يُبق تطوراً تقنيّاً، أو ذكاءً اصطناعيّاً إلا وشرعت له المؤسسات وحكومات العالم أبوابها، لتندثر على إثره الوظائف التقليدية.

ما إن تبدأ رحلة التقييم لمهارات كثيرين من حديثي التخرّج، أو حتى من العاملين حتى تَجحَظَ عيناك مذهولًا من شدّة ما يفتقر إليه المتقدّم للوظيفة من مهارات، فترتسمُ الصورة أمامك حيّةً بكل تفاصيلها، وهذا ما برهنه استطلاعُ عالمي نشرهBritish Council عن حديثي التخرّج وأرباب العمل، حيث يحجم 40% من أرباب العمل عن التوظيف بسبب نقص المهارات، ولم يكن 60% من الخريجين الجدد مستعدين للعمل بشكلٍ كافٍ.

والسؤال الواقعي: ماذا سيصنع هؤلاء حين تتحول 47% من الوظائف الحالية إلى تطبيقات آلية ورقمية وذكية خلال عقدٍ من الزمن، وفقاً لدراسة أجرتها جامعة أكسفورد؟، و50% منها ستتم أتمتتها وفقاً لتوقعات معهد ماكينزي العالمي، و250 ألفَ وظيفةٍ حكوميةٍ بالمملكة المتحدة ستُستبدلُ بها الروبوتات على مدى 15 عاماً وفقاً لمؤسسة ريفورم البحثية البريطانية؟


بَونٌ شاسعٌ بين ما سيؤول إليه عالم التوظيف، وبين الواقع الذي نعايشه في مقابلات التوظيف، حيث يأتيك أحدهم بسيرة ذاتية تعجّ بالأخطاء الإملائية، يعتريها العوار شكلًا ومضموناً، ولك أن تتخيل كيف ستمضي المؤسسة في رحلة التقييم لمتقدمٍ لوظيفة لم يبذل الحد الأدنى لتقديم نفسه في وثيقة تعكس هويته ومؤهلاته وخبراته بلا شوائب لغوية! ولأن الخصومة متزايدة مع القراءة والمعرفة في زمن التواصل الاجتماعي، تجد المتقدّم للوظيفة قد أضحى البحثُ على الإنترنت مضنياً بالنسبة له للاطلاع على معلومات المؤسسة التي يريد التقدّم إليها، حاملاً على كاهله عبء الإجابة عن البديهيات، مُغلّفاً هذا كلّه بقالب الثقة الزائدة بالنفس!، حتى تضحك ساخراً من سعة صدرك في مقابل ضيق صدره! ناهيك عن افتقار بعضهم لأدبيات التواصل الفعّال، وعدم اكتراثهم بأبجديات الدقّة والمهنية وبروتوكول من يسعى لبناء مستقبله.


سؤال يفرض نفسه، وحيرة لا خلاص منها حين تطالعُ تقاريرَ دوليةً عن مستقبل الوظائف، مثل المنتدى الاقتصادي العالمي، والتحول نحو التفكير النقدي والانتقائية في الوظائف، وانخفاض أهمية المهارات الإدارية.. ماذا نحن صانعون أمام تلك التحولات الجذرية؟