الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

في أوضاع الشرق الأوسط

تنطوي منطقة الشرق الأوسط على أهمية استراتيجية وحضارية ودينية خاصة، وهي المخزن الرئيس للمواد الهيدروكربونية (الغاز والبترول)، ومع كل هذا، فلقد تحولت في المدة الأخيرة إلى منصّة للتجارب السياسية المتهوّرة، ومرتع للإرهاب ومصدر للصراعات.

ويعود سبب هذا التحول لسياسات القوى الغربية، ومغامراتها غير محسوبة العواقب لتغيير الأنظمة القائمة في العراق وليبيا، وبما أدى في النهاية إلى تدمير الأسس التي تقوم عليها الدولة في هذين البلدين.

وعلى الأقل، نجح العراق في استعادة مقومات الدولة، وإعادتها إلى الحالة الطبيعية، وتقدم روسيا مساعدات فعالة للأصدقاء العراقيين بما في ذلك زيادة الجهوزية القتالية لقواتها الأمنية، وجيشها من أجل قتال فلول الفصائل الإرهابية.


وفي ليبيا، يبدو الوضع أكثر سوءاً بكثير، بالرغم من محاولات المجتمع الدولي التدخل لفرض حوار شامل على الأطراف المتنازعة.


وأدى غزو سوريا ودفع بعض الأطراف لإدخال البلد في الفوضى، ومحاولة القضاء عليه، إلى اكتساب تنظيم القاعدة لمعقل جديد، وهكذا برز تنظيم «هيئة تحرير الشام» الذي أصبح يمثل الآن المشكلة الكبرى في مدينة إدلب وضواحيها.

ولوعدنا بذاكرتنا قليلاً إلى الوراء، ودققنا في تاريخ المنطقة عندما كان الاتحاد السوفييتي يسيطر على أفغانستان، وحيث بدأ من سَمَّوا أنفسهم «المجاهدين» حرب المقاومة ضد الوجود السوفييتي، وكيف كانوا يتلقون الدعم القوي من الأميركيين وخاصة من الأسلحة، والتجهيزات، وبقية متطلبات الحرب المسلحة.

ونتيجة لذلك، ظهر تنظيم القاعدة وهاجم الولايات المتحدة ذاتها يوم 11 سبتمبر 2001، واتضح بعد ذلك أنه كان من العبث الاعتقاد بالقدرة على لجم الإرهابيين، أو المراهنة عليهم من أجل تحقيق بعض المكاسب الجيو - سياسية بدعوى أنه من غير الممكن أن يفلتوا من المراقبة، فكان ذلك وهماً حقيقياً، وأدى هذا الخطأ ذاته إلى ظهور «داعش» في العراق وسوريا.

وعندما قام حلف الناتو بإسقاط النظام الليبي، منتهكاً بذلك قراراً صادراً عن مجلس الأمن، توطدت علاقة «داعش» بعدة فصائل إرهابية في أفريقيا، والتي من أهمها تنظيم القاعدة في المغرب العربي، وبوكو حرام، وحركة الشباب، والآن أصبحت هذه التنظيمات تثير الرعب في رقعة تزيد مساحتها عن نصف مساحة القارة الأفريقية.

وفي سوريا، وقفت روسيا إلى جانب تكريس السيادة الوطنية، والحفاظ على الوحدة الترابية، من خلال طلب مشروع من الحكومة السورية للمساعدة، ونتيجة لذلك، وفّرت على سوريا الدخول في سيناريو مشابه لما حدث في ليبيا.

وربما كان الوضع المتعلق بإيران أكثر إثارة للقلق، فلقد قررت واشنطن «شيطنة» إيران وعزلها ودفعها للاستسلام، وهذه ليست سياسة بعيدة النظر وخاصة لأن التهم الموجهة لإيران لا تستند إلى أدلة وحقائق ثابتة، ولقد تقدمت موسكو باقتراحات بناءة لإحلال السلام في الخليج من خلال دعوتها للاتحاد في مواجهة الإرهاب، وهي تحرص على تعزيز العلاقات مع كل الأطراف من دون استثناء.