الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

موريتانيا.. منذ تنصيب الرئيس!

مضى على الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني نحو شهرين ونصف الشهر من تنصيبه رئيساً لموريتانيا، وهذه مدة قصيرة لا تكفي للحكم عليه إيجاباً أو سلباً.

لكن المؤشرات الأولية توحي بأنه يريد الإصلاح ويسعى له سعيه، فحكومته عموماً يغلب عليها طابع الخبرة والجدّية، نعم لا يرتاح كثير من الناس لتعيين بعض رموز الفساد في عهد سلفه؛ لكن هؤلاء قلة، وقد يكون تعيينهم مؤقّتاً لضبط بعض الملفات التي لهم فيها خبرة ودراية، مع أن ذلك في نظري غير ضروري، وفي مجال الإدارة بدأنا نرى بعض الإجراءات العملية للإصلاح، فالتعيينات الأخيرة، لا سيما في وزارة المالية، تُبشر بهذا الاتجاه الإصلاحي.

تهمني شخصياً ثلاثة أمور يبدو أن الرئيس الموريتاني يُوليها أهمية خاصة، وهي التعليم والصحة ومحاربة الفقر، وقد اتخذ سياسات عامة وإجراءات تنفيذية في هذه المجالات الحيوية، فكان افتتاح السنة الدراسية الحالية ناجحاً، واتسم بالصرامة والجدّية، وبدأنا نرى خُطوات عملية لمحاربة الفقر ولتطوير القطاع الصحي وضبطه.


وفي المجال السياسي لم يسلك الرئيسُ سبيل سلفه في التعامل مع المعارضة، فقد التقى بقادتها ودعاهم إلى الحوار، وعبَّر جميع من التقوا به أن لقاءاتهم معه كانت إيجابية ومختلفة عما أَلفوه في عهد سلفه، فالمشكلة بين المعارضة والرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز هي فقدان الثقة، فهذا الرجل كما تقول المعارضة، لم يلتزم بوعوده لها، أما الرئيس الحالي فهو هادئ بطبعه ومُستمع جيّد لمُحاوريه ومنفتح، وهذه الميزات مفيدة لقيادة الدول.


وأنا في مقال سابق نشرته «الرؤية» نصحْته بما رأيت أنه قاعدة بسيطة لإصلاح البلاد، وهي أن يعيّن وزراء ومستشارين ومديرين نزهاء وأكفاء، فتصلح الإدارة، والآن أنصحه بقاعدة أخرى أبسط من الأولى، فإذا أراد الرئيس تنفيذ أهدافه، فعليه أن يتخذ الميدان مكتباً له، بدلا من قصره، ليطَّلع بنفسه على مستوى الأداء والتنفيذ، فالرؤساء الذين غيّروا بلدانهم في زمن قصير قياسي لم يرقهم الجلوس في المكاتب، بل كان عملهم في ميدان التنفيذ، ومن أمثلة ذلك: الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات الشقيقة وباني نهضتها ـ رحمه الله ـ؛ ومهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا؛ ولي كوان يو رئيس وزراء سنغافورة الراحل، وبول كاغامه الذي تسلَّم رئاسة رواندا بعد حرب أهلية وإبادة جماعية وخراب.