الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

الحرب التجارية.. دمار قادم!

تبيّن مؤخراً لأمريكا أنها لن تستطيع بمفردها مواجهة الصّين وروسيا معاً، لذلك قرّرت تركيز كل تفكيرها في تقويض قوّة بكين كأخطر منافس جيو- استراتيجي، وهذا ما توافق عليه الجمهوريون والديمقراطيون.

وهذا ما يعني أن الإعلان عن مواجهة بكين، هو بمثابة تعبير عن إرادة سياسية وطنية تدخل في خانة الوعي المشترك بالأخطار التي تحدّق بمستقبل أمريكا.

سيراقب المواطن الأمريكي في الانتخابات المقبلة، مدى جديّة البرامج الانتخابية في التعاطي مع المسألة الصينية، التي أصبحت في اعتقادهم أخطر من التحدي «السوفياتي» سابقاً، وأعقد من الإرهاب السياسي العابر للقارات الذي شغل أمريكا إلى حدّ الاستنزاف.


حاول أوباما سابقاً في إطار المناورات الديبلوماسية عقد حلف آسيوي لامتصاص سرعة الصعود الصيني عبر وضع اتفاقات للتعاون، لكن عادة أمريكا في بلورة هذه الاتفاقات كانت دائماً بهدف المناورة والالتفاف على المكاسب.


كان طموحها من الحلف الآسيوي تفخيخ المسار الاقتصادي الصيني بتعطيله وإغراقه في كثير من الشكليات والبروتوكولات، الخطّة نفسها يعتمدها ترامب اليوم، ولكن بكثير من الاندفاع والتبجّح، كما حدث منذ عام لما سمح للكاميرات بالنقل المباشر لمضامين اجتماع أعضاء ديوانه، لم يكن هناك أي حرج من نقل بعض الكلام الذي يدخل في سريّة الدولة، مثل إشارة أحد وزرائه إلى نجاح أمريكا في تعطيل النمو في الصين، وزير آخر اتّهم صادرات بكين «للفناتيل» إلى أمريكا بأنها تحمل وباء شبائه الأفيون، وثالث عزا صعوبات الفلاحين الأمريكيين إلى الإجراءات التجارية التي تنهجها الصين، كما أرجع ترامب الانتعاش النووي وتخصيبه في كوريا الشمالية إلى دعم بكين لها باعتبارها حليفاً استراتيجياً.

لاحظ المراقبون السياسيون أن هذه الجلسة المنقولة مباشرة، لا تمثل الصورة المتدنية للشعبوية فقط، بل تعطي الانطباع بأن أمريكا لا يحكمها رجال دولة بحسّ سياسي رفيع، ممّا يشكل تهديداً صامتاً وجدّياً لمستقبلها القريب، أكثر ممّا تحمله الصين لها من تهديدات مباشرة.

ويرى كثير من الاقتصاديين والجيو - استراتيجيين أن نوايا واشنطن في الحدّ من تأثيرات الصين على العالم، بخلق كوابح سياسية وتجارية لن تنجح أبداً، نظراً لقوة اقتصادها وتمكّنها السريع من الانتشار التجاري في العالم، قبل أن تتفطن أمريكا لها، فضلاً عن سرعة إنتاجها للثروة، حيث إن ناتجها الداخلي الخام، قد تضاعف إلى تسع مرات خلال 17 عاماً، مما جعلها قدوة لكل بلاد العالم واستثناء في صعودها الاقتصادي والمالي والتجاري.

لم تكن ردود بكين استعراضية، بقدر ما كانت عملية وسريعة كلما تمّ المساس بمصالحها، ومنها فرضها يوم 23 أغسطس من هذه السنة رسوماً جمركية انتقامية على سلع أمريكا تقدر قيمتها بـ 75 مليار دولار.

فهل يعني أن تأزيم العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم إنذار بجيل جديد من الحروب التي سيعرفها العالم؟