الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

القراء الجُدد.. وأمهات الكتب

لا ريب أن ازدهار الثقافة والأدب والفكر والنقد هو سبب تقدم الأمم والتميز الإنساني، وإثراء التاريخ، وتعميق الفعل الحضاري، ولهذا نحن بحاجة إلى سياسة ثقافية تدحر الأمية الثقافية، وإعادة تجديد جوهر الثقافة لا قشورها، من أجل بناء الشخصية الإنسانية القادرة على صناعة الحياة.

المكتبة ذلك الجناح الذي يتمدد فيه كتاب وشعراء ومفكرون صنعوا التاريخ، هذه الكنوز القابعة من المجلَّدات الساكنة على الرفوف هل ستجد يومًا في المرحلة المقبلة من يقرؤها ويجدد الإنسان المعاصر حياته؟، هل لدى الإنسان المعاصر الذي نشأ على ثقافة الاستهلاك، ومقتطفات من الحكمة الوجيزة، وعناوين الأخبار، وخلاصات الكتب، والمختصرات المخلة غير المفيد في معظم الأحيان عبر التقنيات الحديثة، هل لدى القراء الجُدد الدافع الأصيل أو الرغبة الكامنة والوقت المتاح للخوض في هذه الروائع الأدبية والمجلدات؟ وإنفاق الأيام والساعات لقراءة القيم منها من الغلاف إلى الغلاف؟ كيف يمكن استعادة تراثنا الروحي والفكري من براثن أولئك الذين يسعون لاستغلاله وتسخيره لأجنداتهم الخاصة، في الوقت الذي نجد أجيالنا الحاضرة لا تمتلك الشغف والرغبة في القراءة من مصادرها الأولى، أو الاعتماد على الكتب الرصينة، لنقهر بها التشدد والتطرف.

إن الخسران المبين حينما يخفت الشغف والهاجس من أجل التنقيب عن الحق والحقيقة، والبحث لاستدعاء المعاني والأفكار العظيمة، والرؤى الخلاقة، وتطوير هذا الرصيد المعرفي باستخراج أصوله وقواعده وضوابطه، لاستثماره والبناء عليه وتجديده.

إن النصوص العميقة تخلق سياقات التفكير الصحيح، ما يجعل جاهزية المجتمعات نحو التغيير الحقيقي، إذ تكشف الحركة التاريخية الإنسانية أنها تترقب الشباب الملهم والمثقف الذي يقود قاطرة الإنجاز والتقدم.

ولهذا، فالعالم العربي بأطيافه من المثقفين مدعوّ لإعادة اكتشاف نقاط قوة ثقافتنا وتنويرها، لمواجهة موجات الأمية الثقافية الغالبة في عصر السرعة والاستهلاك.