السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

مجتمع الثقافة في عُمان

تقوم التنمية الثقافيّة في الأوطان على تطوير قدرات الأفراد من ناحية، وتأسيس البنية الأساسية الداعمة للتطور والنمو من ناحية أخرى، وتأتي السياسات الثقافية بوصفها الدعامة الرئيسية لهذه التنمية، لأنها تنظم عمل الأفراد والجماعات الثقافية، وتسهم في حفظ حقوقهم، بالإضافة إلى دورها في التشجيع على الإبداع والابتكار.

ولقد اعتمدت سلطنة عمان في تأسيس الفكر الحديث وبناء دولة المؤسسات، على تنشيط دور المجتمع المدني ومؤسساته التي تسهم في تطوير الأنماط الثقافية وتنميتها؛ فجعلت التفاعل بين المنظومة المجتمعية (الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والأفراد) أساساً للتنمية في شتى المجالات، ولعل ما تشهده اليوم من ازدهار في جمعيات المجتمع المدني والفرق الأهلية والمبادرات الشبابية خير دليل على هذا الفكر.

ففي قطاع الثقافة تتميز سلطنة عمان بالعديد من مؤسسات المجتمع المدني التي أسهمت منذ بزوغ النهضة الحديثة في التنمية الثقافية، وتطوير مهارات الشباب بوصفها حاضنة أساسيّة لهم، وراعية لمواهبهم، فهناك الجمعية التاريخية العمانية التي أنشئت في عام 1972، والنادي الثقافي الذي أُنشئ في عام 1983، والجمعية العمانية للكتَّاب والأدباء، بالإضافة إلى جمعيات الفنون البصرية (التشكيلية، والتصوير الضوئي والفنون المسرحية والسينما)، وجمعيات الفنون الموسيقية بأنواعها، بالإضافة إلى جمعية الصحفيين العمانية، والجمعية الفلكية، والجمعية الجيولوجية، وجمعية البيئة، وغيرها الكثير من الجمعيات المتخصصة في مجالات الثقافة.


إن هذا الازدهار الذي تشهده السلطنة في تطور المجتمع المدني الثقافي، تأسَّس وفق رؤية واضحة وسياسات ثقافية متدرجة ما بين تشريعات وقوانين ولوائح تنظيمية تهدف جميعها إلى جعل هذا القطاع جاذباً للشباب والمبدعين، قادراً على استقطابهم، ولهذا فقد ازدهر مجال الطباعة والنشر في ظل وجود قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وتنامت الفرق الشعبية، والفرق المسرحية، وفرق الإنشاد في ظل وجود لوائح تنظيمية خاصة بكل منها، وللسبب نفسه تزايدت المكتبات الأهلية، والمراكز الثقافية والمتاحف وبيوت التراث، وانتشرت في محافظات السلطنة.


لقد كشفت التنمية الثقافية في عمان، عن الإنسان المبدع الذي يسعى إذا ما توفرت له الظروف المناسبة إلى تطوير مهاراته وقدراته الابتكارية في خدمة وطنه، ولعل هذا ما انعكس اليوم على ما نجده من انتشار العديد من المبادرات الشبابية المتنوعة، والتي تسعى إلى تأصيل الهُوية وتقديمها في قالب يتناسب مع المتغيرات الحديثة المتسارعة، ولهذا فإن الغاية الأسمى من التنمية الثقافية هي جعل هؤلاء الأفراد أكثر قدرة على الإبداع والانفتاح على الجديد والابتكار، بما يتناسب مع الرؤية التنموية للسلطنة.