السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

لقاح كورونا.. العلم والمؤامرة

منذ القدم ونظريّة المؤامرة تحكم الكثير من العقول البشرية، ولا سيما بعد الانفتاح العالمي في عصر الثورة الرقمية الذي شهد تطوراً متسارعاً على المستوى التكنولوجي والعلمي، ونظرية المؤامرة كذلك تتطور وتتعقد فرضياتها بهذا التقدم الحضاري، واليوم تواكب الإعلان عن جائحة فيروس كوفيد-19 في العالم أجمع، حيث انقسم العالم بين من يراه خطراً حقيقياً ومن يراه سلاحاً بيولوجياً، ومن يراه مجرد كذبة ووهم ولعبة تحكمها نظرية المؤامرة.

في الواقع من حيث المبدأ تبدو فرضية المؤامرة منطقية، ولكن المنطق ذاته يحكم نظرية المؤامرة القائمة على وجود الطرف المستفيد من الجائحة، ففي مقاربة بسيطة تجد أن الجائحة لم تستثنِ بلداً من البلدان، بل على العكس فإن الاقتصادات العالمية كلها تراجعت، والحكومات تحملت أعباء إضافية وصلت إلى حدود الركود العام في أغلب بلدان المعمورة ولا سيما الدول المتقدمة، ما تطلب إجراءات احترازية، كان أولها الإغلاق التام لكل النشاطات التجارية والاقتصادية والصناعية والتعليمية، وما ترتب عليه أيضاً من زيادة الإنفاق على القطاع الصحي إلى الحد الذي دفع بالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً إلى وضع إمكانات وزارة الدفاع المالية والبشرية والعلمية في بوتقة التصدي للجائحة من حيث تقديم الرعاية والأبحاث والخدمات الطبية.

ولكن الأمر لم يبقَ عند هذا الحد، بل إن نظرية المؤامرة تعود إلى الواجهة وبشكل أكثر شراسة في مواجهة اللقاح الذي بدأ الدخول في حيز التفعيل، وذلك باتهام الشركات المصنعة بأن اللقاح ليس إلا خدعة لا طائل منها سوى جني المال لشركات دوائية كبرى.


أما الحقيقة فتتطلب القليل من الحيادية والنظر إلى الأمر بمنظور المنطق العلمي، فليس من المعقول أن تصدق الحكومات العالمية هذه الخدعة ببساطة وسذاجة، وتنفق عليها الأموال الطائلة من أجل تأمين اللقاح لمواطنيها، فالأمر يتطلب كثيراً من الأبحاث والإجراءات المخبرية لكل حكومة من الحكومات بتوجيه وزارات الصحة بإمكاناتها الطبية والعلمية لتتبع طبيعة اللقاح ونجاعته، ومطابقة مكوناته ومواده الفعالة مع خصائص الفيروس التاجي، وما ينجم عنه من أعراض، وإمكانية هذه المواد في القضاء عليه.


على الرغم من مشروعية الطرح من باب الافتراض، إلا أن مجانبة المنطق في كون كل الحكومات تتآمر على نفسها، وتستهلك مواردها بسذاجة، ومعارضة العلم والحقائق العلمية لصالح هذا الطرح الجدلي، ليس مشروعاً، بل هو المؤامرة والسذاجة.