الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

حتى لا يطير الدخان

«حتى لا يطير الدخان».. فيلم مصري أُنتج في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، والدخان في الفيلم هو دخان الحشيش الذي يحتبس في غرفة «المُحشِّشِين»، ولا يسمحون له بالتسرب من الغرفة، ذلك الدخان يتم إسقاطه على مجمل الفساد في المجتمع في تلك الحقبة التاريخية.

الشاهد، أن الفساد له معانٍ كثيرة، منه العام الذي ينخر في أركان المجتمع بسبب بعض الأخلاقيات الفاسدة، التي يتبناها المجتمع مع الوقت، ومنه تلك السموم والأدران النفسية التي يعاني منها البعض بشكل شخصي لكنهم لا يودون مفارقتها، وهي أشبه بذلك الدخان الضار والخانق الذي يتمسك به الناس ولا يحبون مفارقته رغم ضرره.

هناك أناس تتبارى بالفضائل والأخلاق، وآخرون يتبارون بدنو أخلاقهم وانحطاط سلوكياتهم، ومما يؤسف له فعلاً أن الحالة الانعزالية التي تمر بها المجتمعات من تأثيرات التقنية الحديثة والعوالم الافتراضية، التي تحيط بجميع مناحي الحياة، حتى الألعاب التي تحتم المشاركة والالتقاء، قد أسهمت بشكل كبير في تكريس الانعزال والافتراق المقنن.


«حتى لا يطير الدخان» أُنتج عام 1984، كتب قصته إحسان عبدالقدوس، وأخرجه أحمد يحيى، وهو من بطولة الفنان الكبير عادل إمام، وتدور أحداثه حول مجموعة من الأصدقاء يرفضون إقراض صديقهم الفقير المال الذي يحتاجه لإجراء عملية جراحية لأمه التي تعاني من مرض خطير، ثم تموت جراء ذلك، فيقرر الانتقام منهم، فينهي دراسته، ويجمع ثروة كبيرة بطرق ملتوية، ثم ينتقم منهم جميعاً ويذلهم، لكنه يموت قبل أن يصل إلى أجمل أحلامه وهو الزواج من فتاة أحلامه.


معنى عنوان الفيلم ظهر في أحد المشاهد التي تُظهر الصديق الفقير، وهو في جلسة «تحشيش» في غرفة مع أصدقائه الأغنياء، وعندما تزداد كمية الدخان في الغرفه يقوم الصديق الفقير بفتح النافذة لتهوية الغرفة، فيصرخ جميع أصدقائه بصوت واحد: «اقفل الشباك الدخان بفلوس»، فيغلقه، ويتلقى منهم تأنيباً كبيراً، ويعلمونه بأن هذا الدخان الذي يختنق منه، هو غاية المتعة والنشوة.

«حتى لا يطير الدخان».. فكرة قديمة لقضية اجتماعية متجددة، يحاول البعض التمسك بها رغم دناءتها وانحطاطها، لذلك أدعو الله أن يطير جميع أنواع الدخان الفاسد من جميع المجتمعات العربية، حتى يعود النقاء للحياة.