السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

ملامح استراتيجية بايدن

التسجيل الصوتي المسرب للرئيس دونالد ترامب في محاولته لتغيير نتيجة الانتخابات في ولاية جورجيا، قد يجعل من هذه الولاية عصيّة عليه وعلى حزبه الجمهوري، وقد تكون العلامة الفارقة في استراتيجية الولايات المتحدة وسياستها، ما تردد عن فوز الحزب الديمقراطي بمقعدَي مجلس الشيوخ بهذه الولاية وهو ما قد يؤدي إلى اختلاف المشهد الداخلي والخارجي.

نقل الأمور إلى ميدان الحزب الديمقراطي يمكّن الرئيس بايدن من توظيف القوى الهائلة التي يمتلكها في تنفيذ استراتيجيته، ويبدو أن الولايات المتحدة في ظل حكمه ستعمل على استعادة بعض المحاور الجيوبوليتيكية المركزية في استراتيجيتها العالمية، وهذا سيجعلها تأخذ زمام المبادرة لتحويل مصالحها من محاربة الجماعات المارقة إلى محاربة الأنظمة المارقة، باستخدام مصطلحات الشرعية الدولية قدر الإمكان.

لا يجد مراقبو الاستراتيجية الأمريكية فرقاً كبيراً في كثير من الأمور، سواء الداخلية أو الخارجية، إذ يتحرك الأمريكيون ضمن خطط معدة مسبقاً بأسس واضحة، وهي مصالحهم الخاصة وأمن إسرائيل.. إنها تلتزم بخطوطها العريضة وتبني على ما حققته الإدارة السابقة.


هذا هو العامل الثابت، لكن المتغير هو التكتيك أو ما يسميه الاستراتيجيون بالاستراتيجيات الدقيقة، أي الأدوات والأساليب المستخدمة في السياسة الخارجية، ومن المعروف أن بايدن وحزبه الديمقراطي يتبنيان خطاباً يدعو إلى زيادة الاهتمام بالدبلوماسية في مستوى السياسة الخارجية في رؤيته الاستراتيجية، الابتعاد عن الحروب، والعودة إلى العضوية النشطة في المنظمات والمؤسسات الدولية، انطلاقاً من فكرته أن التعاون مبدأ أساسي لاستعادة الثقة في المكانة الدولية للولايات المتحدة.


بايدن، الذي كان نائباً للرئيس، عندما وقّعت إدارته اتفاقية مع إيران، بإشراف دول أوروبية، وروسيا والصين، للملف النووي، سيحرص على التوصل إلى اتفاق جديد وفرض شروط جديدة على إيران لإرضاء حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وأبرزها إسرائيل ودول الخليج في إطار مشاريع التطبيع، وستسعى إدارته لإعادة ترتيب العلاقات مع حلفائها من الخليجيين.

ربما سيكون تحرك بايدن في ظل التوسع الروسي في سوريا، وجنوب أفريقيا، والمتوسط مقيداً بأدوات استراتيجية تحاكي التوسع الروسي وكمين التنين الصيني، لذا فإنه يسعى إلى تعزيز التواجد في الشرق الأوسط والأماكن الهشة، ومد اليد الطولى لبلاده في كثير من القضايا الدولية تحت مبدأ أولويتها.

قد تحرص استراتيجية بايدن على عدم إثارة أوروبا، الند المستقبلي للتحرك العثماني الأردوغاني، غير المضمون مصلحياً، والطامح أوسطياً، والمزعج لروسيا، وربما تسعى إدارته لعدم إرباك خطوات التطبيع وتلجيم العراق وسوريا، لكي يكون الطريق خالياً من المطبات الإيرانية، خاصة إلى السودان.