السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

تركيا وفرنسا.. وطريق المصالحة

تبادل الرسائل الإيجابية بين الحكومتين التركية والفرنسية آخذ بالازدياد في التقارب وتحسين العلاقات بينهما، فوزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو» قال قبل أيام: «إن تركيا وفرنسا تعملان على خريطة طريق لتطبيع العلاقات، وإن أنقرة مستعدة لتحسين الروابط مع شريكتها في حلف شمال الأطلسي، إذا أبدت باريس الرغبة نفسها»، وهذه ليست رغبة تركية فقط، وإنما كانت نتيجة اتصال هاتفي بين جاويش أوغلو ووزير الخارجية الفرنسية «جان إيف لودريان».

إن الاتفاق على خريطة طريق لتطبيع العلاقات بين تركيا وفرنسا، يتطلب وقف تبادل الاتهامات المتواصلة بين البلدين أولاً، والعمل على تلبية رغبات الشعبين التركي والفرنسي إزاء القضايا الثنائية ثانياً، والتعاون إزاء سياساتهما الخارجية تجاه القضايا التي فيها طرف أو أطراف أخرى ثالثاً، مثل قضية التنقيب عن النفط والغاز شرق المتوسط، بالتعاون مع كل الدول ذات الشأن بغاز المتوسط.

أما القضايا التي فيها حروب ونزاعات قديمة ومعاصرة فلا بد من وضع شعوب تلك البلدان في وضع المصالحة الداخلية أولاً، مثل الأزمة السورية، وكذلك قضايا النزاع في ليبيا، ولا يختلف عن ذلك النزاع في إقليم ناغورني قره باغ والقوقاز عموماً، فلا تملك دولة واحدة أن تفرض رؤيتها الاستعمارية القديمة ولا تدخلاتها العسكرية المعاصرة على شعوب تلك الدول ولا على حكوماتها، فالأصل إيجاد مصالحات داخلية، وأن تكون بإشراف الأمم المتحدة.


وأن تبتعد كلا الحكومتين الفرنسية والتركية عن التحريض ضد الدولة الأخرى، سواء على أراضيها الداخلية أو في إعلامها الخارجي، مع ضرورة تفهم وتقبل الاختلاف الديني والحضاري بين ثقافة الشعبين، وتفهم ما تشعر به إحداهما من مخاوف، بأن من حقها الدفاع عن رؤيتها الحضارية في دولتها، فالحكومة الفرنسية لا ولن تتقبل الانتماء الكامل لتركيا في الاتحاد الأوروبي بسبب الهوية الدينية والحضارية للشعب والدولة التركية، وما كان شأناً فرنسياً دستورياً وله صلة بالمواطنين الفرنسيين من أصول تركية أو إسلامية، فأمره خاص بدستور تلك الدولة، وتتم معالجة مشاكله بالحوار والدبلوماسية فقط.


إن سياسية فرض العقوبات المتبادلة هي سياسة فاشلة وخاسرة ومقيتة، لأن ضحاياها دائماً هي الشعوب نفسها، فالعقوبات تعني الحصار الاقتصادي، أو منع الشركات التجارية أو الصناعية من تنفيذ مشاريعها في الدولة الأخرى، أو إغلاق حدود دولة على مواطني الدولة الأخرى، فهؤلاء المواطنون هم ضحايا العقوبات قبل غيرهم، وما هو أشد سوءاً من ذلك أن يتم استثمار الشعارات العدائية بين الدولتين لتحقيق مكاسب سياسية انتخابية في كلا الدولتين، فهذا ما ينبغي رفضه من عقلاء وحكماء كلا الشعبين.