الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

فوضى «الكابيتول».. وطمأنة الحلفاء

لو أن فيلماً سينمائياً سيتم إنتاجه في القرن الثاني والعشرين بعنوان «سقوط الإمبراطورية الأمريكية»، لكان مما لا شك فيه أن أحداث التمرّد ووقائع الهجوم الخطير على مبنى الكابيتول، التي تابعها العالم يوم السادس من يناير الجاري، ستمثل المشهد الأكثر إثارة فيه.

وكذلك حشود المتظاهرين الذين تدافعوا نحو البرلمان بتعليمات من الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، تدعو لرفض نتائج الانتخابات، وقامت باقتحام المبنى وتخريب محتوياته، وبدا الأمر كما لو أن حركة سياسية احتلت وول ستريت قبل عقد من الزمان ثم تحركت نحو العاصمة واشنطن، وتحولت من حركة يسارية راديكالية متطرفة إلى حركة يمينية تدعم تفوق البيض.

وسبق للمسؤولين عن الأمن الداخلي في الولايات المتحدة، أن اعترفوا بإرهاب المتطرفين البيض، وبأنهم باتوا يمثلون تهديداً حقيقياً على الأمن القومي منذ عام 2019، وسارعت وزارة الأمن الداخلي لنشر مستندات وتقارير حذرت فيها من سلسلة أعمال عدائية محتملة يمكن أن يقترفها المتعصبون البيض، وتم التأكد من حقيقة هذا التحذير بأسوأ طريقة ممكنة في مركز صنع السياسة الأمريكية وفي قلب العاصمة.


ولقد أثار مشهد الفوضى والاضطرابات التي عمّت المكان، البهجة في أوساط منافسي الولايات المتحدة وخصومها السياسيين، وخاصة روسيا والصين وإيران، حيث ترى هذه الدول أن أعمال الشغب التي شهدها مبنى الكابيتول تشير إلى خلل عميق يعتري المجتمع الأمريكي ولا يمكن علاجه، وهو يعبر عن اختلال وظيفي خطير في النظام السياسي الأمريكي برمته.


وفيما يتعلق بمواقف حلفاء الولايات المتحدة في العالم، فلقد كانت هذه الأحداث الخطيرة مصدراً للتوتر والقلق بشأن المستقبل.

ومنذ تسلّم ترامب مقاليد الحكم قبل 4 سنوات، تعهّد بتجفيف مستنقع المؤسسة السياسية التي تحكم البلاد، والآن، وفي نهاية ولايته، تحاول فئات النخب والخبراء في الحكومة الأمريكية العمل بدأب على إصلاح ما أفسده.

وكانت جهوده منصبة على الإفراج عن وثائق حساسة تتعلق بالأمن القومي تحمل عنوان «وثيقة الإطار الاستراتيجية الأمريكية حول منطقة المحيط الهادئ - الهندي»، والتي تم اعتمادها رسمياً في شهر فبراير 2018، ودخلت حيز التنفيذ منذ ذلك الوقت.

تم رفع السرية عن تلك الوثائق في الخامس من يناير الجاري، عشيّة الاضطرابات التي شهدتها واشنطن بسبب التمرّد، وتم نشرها على نطاق واسع في الثاني عشر من يناير، وهو اليوم الذي صوّت فيه مجلس النواب على دعوة نائب الرئيس مايك بنس للاعتراف بأنه «غير قادر على تنفيذ ما يقتضيه منه منصبه وممارسة صلاحياته على الفور باعتباره نائباً للرئيس».

وكان الإفراج عن الوثائق المتعلقة بمنطقة المحيط الهادئ - الهندي، قد فُهمت على أنها محاولة لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة في شرق آسيا وجنوب شرقها، بشأن التزامها الثابت بالحفاظ على الوضع الراهن في مواجهة السلوكيات العدوانية المتزايدة للصين، ودونالد ترامب على وشك الرحيل، إلا أن المؤسسة السياسية للولايات المتحدة سوف تبقى لتلتقط قطع الفوضى التي خلّفها وراءه.