الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

اليمن.. مأزق الحرب والسلام

اليمن.. مأزق الحرب والسلام

عبدالباري طاهر

تدخل الحرب في اليمن عامها الخامس.. ويأتي تعقيدها في بلادنا وخطورتها لكونها مركبة من أهلية وإقليمية، وتأخذ أبعاداً دولية. اليمن مهجوس بالحروب الأهلية منذ أزمنة متطاولة، وإذا كانت الحروب الأهلية لا منتصرَ فيها، وغالباً ما تأخذ أبعاداً بعيدة؛ لأنها داخل البيت الواحد، وبين الإخوة الأعداء، وقد تكون القضية والدعوى واحدة، إلا أنَّ دخول الحرب الإقليمية عليها - كما هو حال اليمن - يزيد الأمر تعقيداً، ويطيل أمد الصراع، ويشرع الأبواب أمام المزيد من المخاطر والكوارث.

حرب الأعوام الأربعة الماضية أضعفت العوامل الداخلية، وقوَّت العوامل الخارجية، وهمَّشَت الإرادة الداخلية، ومزقت النسيج المجتمعي، وفككت الكيان اليمني، ويوماً بعد يوم يشتد الصراع، وتقوى ميليشيات الحرب لتفرض المزيد من التفكك الجهوي والسلالي والطوائفي (الحزبي).

خلال الأعوام الأربعة الماضية خرجت اللعبة من أيدي اليمنيين لصالح الأطراف الإقليمية، وفي الوقت نفسه بدأ وزن وتأثير العامل الدولي يقوى على حساب الوطني والإقليمي.


استمرار الحرب واشتدادها واتساع رقعتها يقوي العامل الدولي الذي له مصالح وأهداف مختلفة عن إرادة القوى الإقليمية، ومختلفة بالمطلق عما يريده أطراف الصراع الأهلي، وفي لحظة ما قد تتحول الحرب إلى إرادة دولية، ويصبح اليمنيون أدوات للصراع الإقليمي، ويصبح الصراع الدولي وسيلة لاستنزاف ثروات المنطقة وابتزازها.


التفكك الداخلي الذي تشهده مختلف المناطق بين مختلف الأطراف وداخل الجبهة الواحدة والطرف الواحد مؤشر خروج الحرب الأهلية عن السيطرة، وتحولها إلى حرب الكل ضد الكل، كما أن مؤشر تبدل الولاءات والتحالفات، وتسيّد ميليشيات الحرب وتفككها بمقدار ما يباعد فرص السلام يضعف الأطراف السياسية والممولة، ويضعف إرادة القائمين على الحرب في الداخل والإقليم.

لعبة الحرب - في المنطقة العربية كلها - دولية بامتياز، والأطراف الداخلية أدوات منفذة، والإقليمية ممولة، واللاعب الدولي هو من يدير اللعبة ويتحكم بها.

للحرب الأهلية أسبابها ومبرراتها، وللإقليمي أهدافه، ولكن الصراع الدولي هو الأقدر على المسك بخيوط اللعبة وتوظيفها لصالحه؛ فلولا الحرب في سوريا وليبيا واليمن لما أمكن لترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.

العجز عن الحسم العسكري وإعاقة السلام إطالة لأمد الحرب، واستنزاف لطاقات المنطقة وقدراتها لصالح الطرف الدولي، والمأزق لدى كل الأطراف أنه باستطالة الحرب تقوى أوهام الحسم العسكري، وتضعف إرادة الحل السياسي.