الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

التطرف العنيف.. وقصور المقاربة الأمنية

أفادت معلومات استخباراتية في تونس بأن زعيم تنظيم «داعش» أبوبكر البغدادي يقيم حالياً في ليبيا، ويخطط لتحشيد مناصرين جدد من الشباب والنساء في أفق تنظيم عمليات إرهابية تستهدف مختلف دول شمال أفريقيا.

وأشارت هذه المعلومات إلى فرضية اعتماد داعش على تكتيكات إرهابية غير مسبوقة، لأن أشكال هجومه العنيف وطرائق تنفيذها التقليدية باتت مكشوفة ومبتذلة.

وقد أوردت صحيفة «جون أفريك» تقريراً يؤكد وجود حالة تأهب قصوى لدى الأجهزة الأمنية في تونس، استناداً على معلومات دقيقة كشفها التحالف الدولي، بخصوص ما استجد من تحركات البغدادي في جنوب المنطقة، وهذا ما يتأكد من خلال التعزيزات الأمنية القوية التي باشرتها وزارة الدفاع التونسية في المعبرين الحدوديين بمنطقتي الذهيبة ورأس جدير، فضلاً عن التقنيات الجوية ومنظومات المراقبة الإلكترونية على الشريط الحدودي.


لكن الذي لم يتم التنبه إليه في سياق حمى المقاربة الأمنية من طرف تونس أن النسخة الجديدة لداعش التي يشتغل عليها البغدادي تعتمد أساساً على التحشيد حول «الفكرة الدينية»، بمقاربة تواصلية فكرية وتربوية، وعلى الإفتاء السريع القائم على المغالطات والتمويه.


لن يَعبر البغدادي الحدود التونسية الليبية على ظهر الدبابات وعبر جيش مسلح، بل سيعبرها عبر استقطابات فردية وجماعية في أوساط الفئات الاجتماعية الهشة، التي وقع لها انهيار نفسي وعاطفي وقيّمي نتيجة شعورها بالدونية والتحقير الرمزي والمادي.. هذه الفئات المحبطة هي الوقود الأساسي للجماعات المناصرة له، ولديها استعدادات غير محدودة لبعثه مجدداً وحمايته، كما أن لها إمكانات كبيرة لتأمين مختلف تنقلاته في حدود منطقة الساحل الممتدة.

وقد ذكر في شريطه المصور أن هناك عدة جماعات في الصحراء الكبرى تناصره، ومن أشهرها جماعة أبي الوليد الصحراوي الذي جاء ذكره على لسانه، وهو رجل يدعو إلى القطع مع الأساليب التقليدية لإدارة المعارك ومراجعة التنظيم الداخلي وأساليب التواصل، ونقل المعلومات والأوامر ما بين قادة داعش وأعضائها.

من هنا تأتي خطورة الصحراوي بإلحاحه على تجديد أفكار التطرف العنيف من خلال المدخل التربوي والثقافي والانفتاح على هيئات المجتمع المدني، لزرع الفكرة «الداعشية» بسلاسة ومرونة حسب إعلاناته المتكررة.

وفقاً لهذا التوجه، يسعى البغدادي إلى إثارة رغبة أتباعه في «معاودة القتال» وتحفيزهم على الهجرة إلى الصحراء لجعل ليبيا ومنطقة الساحل منطلقاً جديداً لمعارك مختلفة تقوم على أسس وخيارات تكتيكية، تختلف عن السياق الذي نشطت فيه داعش في سوريا والعراق، استناداً إلى أطروحة الصحراوي.

ولذلك، فإن حالات التأهب والاستنفار الأمنيين التي تقوم بها تونس على حدودها مع ليبيا، تظل قاصرة أمام نيات ومخططات «داعش الجديدة»، التي تجتهد في تغيير أساليب اشتغالها وتفكيرها كما ينظر لها الصحراوي نفسه، وعليه، هل هناك وعي لدى هذه الدول بأطروحة الصحراوي التي تقتضي مواجهة فكرية أكثر منها أمنية؟