السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

ألغام المجلس التأسيسي لحل أزمة الجزائر

ألغام المجلس التأسيسي لحل أزمة الجزائر

د. محمد لعقاب

منذ سقوط الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة انقسم الساسة الجزائريون في كيفية الخروج من الأزمة إلى قسمين، قسم متمسك بالحلول الدستورية، وقسم يرغب في مرحلة انتقالية غير دستورية.. الفريق الأول يرغب في العودة سريعاً للانتخابات بتوفير أهم شروط النزاهة، والثاني يتمسك بإنشاء مجلس تأسيسي.

وخلال مطلع شهر يوليو الجاري، اتضحت الخريطة السياسية للفريقين.. الفريق الدستوري يتمثل أساساً في التيار الوطني والإسلامي، بينما يتمثل التأسيسيون في الأقلية الأيديولوجية أي التيار البربري واليساري.

وبالنظر للصورة من عين الشارع، بات الرفض الشعبي الواسع لفكرة التأسيسي يزداد يومياً، بعد أن اتضح ما تنطوي عليه من ألغام قد تعصف بالدولة الجزائرية من أساسها، وهذا ينطوي على مخاطر كامنة يصعب على غير المتمرسين استكشافها.


إن إنشاء المجلس التأسيسي في حد ذاته مشكلة كبيرة، فكيف ينشأ هذا المجلس ومن يعينه؟ وإذا وجب انتخابه، فكيف تجرى هذه الانتخابات؟ وكم يبلغ عدد أعضائه؟ وكيف يكون التمثيل: هل هو تمثيل عرقي أم سياسي أم مذهبي أم جهوي؟ وغيرها من التساؤلات التي تجعل الجزائر تغرق قبل تأسيس هذا المجلس.


ثانياً، إن التأسيسي سيناقش بالضرورة أسس الدولة، المحددة في الدستور الحالي، والتي تتعلق باللغة، ودين الدولة والراية الوطنية، وطابع الدولة.

وإذا جئنا لمناقشة كل موضوع على حدة فإن الخلافات ستكون حادة وقاتلة داخل هذا المجلس حول اللغة الرسمية للجزائر، وإن كان الدستور الحالي يحدد لغتين رسميتين هما العربية والأمازيغية، فمن المؤكد أن هناك تياراً يرفض الأمازيغية كلغة رسمية، وهناك من يرفض في الاتجاه المعاكس اللغة العربية.

وهذا ينطبق أيضاً على مبدأ «الإسلام دين الدولة»، فهناك تيار يرغب في دولة علمانية، بينما تتمسك الأغلبية بالإسلام ديناً للدولة، وربما خلال هذا النقاش قد تُطرح فكرة المذاهب، فرغم أن المذهب المالكي هو الغالب في الجزائر، فقد يرغب بنو ميزاب الذين كانت لهم الدولة الرستمية في أن ينص الدستور على المذهب الإباضي أيضاً.

أما الراية الوطنية، فقد بدأ تيار انفصالي يرفع رايات أمازيغية خاصة في منطقة القبائل، وهذا قد يكون فتيل نقاش حول هذا الموضوع.

وينطبق هذا أيضاً على طابع الدولة أو نظامها، فهل تبقى جمهورية أم إسلامية أم علمانية؟ وهل تبقى عربية أم تصبح أمازيغية؟ وهل تكون دولة فدرالية أم جمهورية موحدة؟

وهكذا يتضح أن فكرة المجلس التأسيسي هي ألغام خطرة، كل لغم بحجم قنبلة هيروشيما النووية، قد يعصف بالدولة الجزائرية التي نعرفها، إلى الأبد.