الأربعاء - 01 مايو 2024
الأربعاء - 01 مايو 2024

الاعتذار المؤسسي.. فن وثقافة

قبل مدة قصيرة استدعت إحدى أكبر العلامات التجارية، مجموعة من حقائبها الفاخرة التي تم بيعها إلى الزبائن منذ نحو سبع سنوات، لاكتشاف عيب مصنعي فيها، وطلبت تسليم الحقائب التي عفا عليها الدهر واختيار ما يرغبونه من أحدث تشكيلاتها بما يتلاءم مع سعر الحقيبة.

تلك الشركة ذات الصيت العالمي المتفرد، أقدمت على ذلك بعد كلمات اعتذار وامتنان هاتفية لولاء عملائها.

درسٌ كهذا الذي قدمته هذه الدار العالمية، جعلني أتساءل حول مدى افتقار بعض من المؤسسات لأسلوب الاعتذار من المتعاملين، ومراعاة شعورهم بالضرر الذي قد ينتج جراء تقديم خدمة ما، وضرورة تعويضهم المعنوي والمادي عندما يبدر من هذه المؤسسات خطأ، أو عيب في منتج، أو تصرف غير مسؤول من موظفيها.


هذه متصلة تشتكي من إحدى شركات الطيران التي أخرت رحلتها لخمس ساعات كاملة دون أي اعتذار ولا أدنى حس بما تقتضيه خدمة الزبائن، بل على العكس، قوبلت بتعنت تام من الموظفين.


وهذا آخرٌ مستاءٌ من إحدى الجهات المعروفة التي تتعامل مع الملايين من الأشخاص، ترسل رسالة فحواها: «عليك بدفع مستحقات رقم الهاتف التالي»، رغم أن الشخص قطع الخط منذ سبع سنوات!. فحدثه الموظف المختص! بأسلوب مستفز، دفع هذا العميل إلى إجراء شكوى يطالب فيها «باعتذار رسمي»، وحينها قال جملة طلعت في ذهني: (لو كتبوا في الرسالة.. عزيزي العميل.. كنت سأحترمهم أكثر)!.. وقس على ذلك من المواقف التي تواجهنا من مؤسسات وجهات خدمية تتسبب في إحداث أذى معنوي قبل أن يكون مادياً! على سبيل المثال، عَودتنا الصحف منذ زمن على أن الاعتذار عن أي خطأ في المعلومة أو الطباعة أو حتى في كتابة الأسماء، هو جزء من أخلاقيات العمل، فنقرأ أحياناً كلمات الاعتذار المكتوب الذي تقدمه الصحف لتؤكد أن الأمر ليس فيه خنوع بل احترام للمهنة المقدسة.

كلمة آسف!.. جميلة وأثرها أجمل، فكم من عناد امتُص باستخدام سحر هذه الكلمة، وكم من صاحب حق تنازل عن حقه، لوقع كلمات صادقة نابعة من قلبٍ نادم عن هفوته المقصودة أو غير المقصودة.

إن ثقافة الاعتذار وفنونه، يجب أن توضع ضمن أوليات جهات كثيرة، فدون رضا وسعادة العملاء لن يكون لك عمل من الأساس!