الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

دلالات التهديد بالعصيان المدني

بشكل لم يكن متوقعاً، ورغم أن الحراك الشعبي الجزائري في أصله «سلمي»، ردد المتظاهرون في جمعة 30 يوليو الماضي هتافات تتوعد بالعصيان المدني، فهل تتجه الجزائر لتكرار تجربة يونيو 1991، عندما شن إسلاميو جبهة الإنقاذ عصياناً مدنياً في وثيقة تحمل نفس العنوان وأدى إلى عشرية حمراء دموية؟

إن العصيان المدني يعتبر أسلوباً لمقاومة الظلم والفساد والاستبداد، وقد انتهجته عدة دول ضد الاستعمار.. غاندي في الهند.. التجربة المصرية عام 1919.. السود في أمريكا ضد العبودية والذي حقق أهدافه.

كذلك يعتبر الربيع العربي واحداً من أساليب العصيان ضد الأنظمة، لكن لحد الآن لم تقطف منه ثمار إيجابية، بل حصد ثماراً فاسدة، بات معها الوضع السابق عن الربيع العربي أفضل بكثير عما بعده.


فالعصيان المدني يعني تعمُّد عدم احترام القوانين وأعوان الأمن والجيش وعدم دفع الضرائب، ومستحقات الكهرباء والغاز والماء، ومقاطعة العمل واحتلال الشوارع، ووضع المتاريس وإشعال العجلات.. وقد يؤدي ذلك إلى مشادات مع رجال الأمن وإلى فرض الحالة الاستثنائية.


العصيان المدني عكس الإضراب العام الذي يعني التوقف عن العمل لمدة محدودة، بهدف تبليغ رسالة قوية للسلطة عن رفض الجماهير لقانون معين أو سياسة معينة.

ويعتبر هذا التهديد بالعصيان المدني هو الثاني من نوعه بعد الدعوة له خلال الأسابيع الأولى للحراك، لكنه لم يحدث بعد معارضته الواسعة، وجاء التهديد به هذه المرة، بعد سيطرة «الحراك المضاد» على المسيرات، لأن الحراك الأصلي حقق كامل أهدافه بقي فقط تنظيم الانتخابات، وبعد رفض الجيش ما أسماه «الشروط التي تصل حد الإملاءات» التي وضعت في وجه الحوار مثل إطلاق سجناء الرأي وتخفيف التضييق على المسيرات في العاصمة، وأيضاً بعد نشر الصحف خبر انتهاء التحقيق العسكري مع الجنرالين: «توفيق وطرطاق» والسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق ولويزة حنون رئيسة حزب العمال ومعلومات عن تكييف القضية إلى جناية تقتضي حكم المؤبد أو الإعدام.

إن العصيان في تكتيكه يعني إرباك السلطة، وفي استراتيجيته يعني الحيلولة دون وقوع الحوار، والخروج عن الحلول الدستورية، وقد يؤدي إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين كشرط للحوار، الأمر الذي وصفه الجيش بـ «إفلات العصابة من العقاب».

وفي المقابل لا يُستبعد أن يهدف دعاة العصيان إلى إضعاف الحراك، أو إخراجه عن سلميته، والتقليل من شعبيته.. فهل تتم معارضته هذه المرة أيضاً؟ إن الجواب هنا مرتبط بفهم الناس له ولخلفياته وأهدافه العميقة.