الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

إرهاب واحد.. ثلاثة وجوه!

كشفت الأحداث المتلاحقة التي شهدتها مدينة عدن اليمنية عن تحالف شيطاني عميقٍ بين ثلاثة من وجوه الإرهاب العتيدة، التي ساهمت ودفعت إلى إدخال اليمن في نفق مظلم من العنف والعتمة وغياب الأفق والدم، والتي تسعى اليوم جميعها لقطف ثمار الفوضى المستشرية التي تجتاح البلاد المثخنة بيوميات الحرب والدمار والجوع والفساد المالي والإداري الذي بلغ أقصى درجات التعفن.

تضافرت جهود الحوثي وداعش والقاعدة في ليلتين متعاقبتين بتوقيت واحد، ليستهدفوا مدينة عدن في نفس الوقت وفي وقت متزامن هاجمت فيه هذه الميليشيات الحوثية معسكر الجلاء، وفجر انتحاري داعشي سيارته المفخخة في مركز للشرطة بمنطقة الشيخ عثمان، ليلحقهما في حفلة الموت العبثية تنظيم القاعدة الذي باغت معسكراً للحزام الأمني في المحفد بمحافظة أبين شرقي عدن.

كشفت الهجمات المتزامنة عن ثلاثة رؤوس لتنين الإرهاب البشع في اليمن، الذي يسير بثلاث أجندات متباينة في ظاهرها ولكن باطنها هدف واحد، بينما الأساليب متشابهة للغاية تحركها أصابع دولية وإقليمية خلف ستار حروب الوكالة.


عانت دولة اليمن طوال تاريخه من احتدام الصراع الدامي الذي قلص فترات الاستقرار السياسي والاجتماعي، لكن ما يشهده اليمن اليوم يعد منعطفاً هو الأصعب والأكثر فداحة ورعباً، حيث يأخذ الصراع وجوهاً متعددة ذات أبعاد أيديولوجية متشددة نقلت العنف إلى مربع أكثر شراسة ووضعت البلاد على كف عفريت طائش تتنازعها الجماعات المتطرفة، التي تمكنت من إقصاء كل الخصوم المعتدلين والذين كانوا يملكون الحلول التي تحمل الأمل والسلام لليمن، لتدخل بعد ذلك في دوامة صراع لا تقبل المختلف ولا ترضى بالحلول السياسية، انطلاقاً من عقائد إقصائية عنيفة تجسدت مجتمعة في أحداث الأيام الماضية في عدن.


ولكن قد يطرح البعض سؤالاً وجيهاً حول السبب الحقيقي لالتقاء ثلاث جماعات إرهابية متباينة الخلفيات، على استهداف مدينة واحدة؟

الجواب هو أن عدن كانت ولا تزال أبرز وأنصع نماذج المدنية التي عرفها اليمنيون في التاريخ الحديث والمعاصر وفي تدمير وتشويه هذا النموذج مصلحة مشتركة لجماعات تتوق لبناء نماذجها الراديكالية الإقصائية الخاصة بها، إضافة إلى محاولة تفكيك المنظومة الأخلاقية والاجتماعية والسياسية وحتى الاقتصادية للمدينة باعتبارها العاصمة المؤقتة لليمن في طور المواجهة للمشروع الحوثي الانقلابي والمشاريع المتطرفة الأخرى مثل تنظيم القاعدة وداعش التي تبحث عن موطئ قدم في مشهد فوضوي يجتاح المنطقة عموماً واليمن على وجه التحديد.