السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

تبسيط التربية

في عالم تربية الأطفال لا يمكن الحديث عن الأم المثالية أو الأب المثالي، وأقصد بالمثالية هنا من يتمتع بالعلم والمعرفة والمهارة، لأن هذه الجوانب إن توافرت فهي ليست عامة وإنما في فئات قليلة من الناس، ولكن السواد الأعظم هم ممن لا يعرفون القواعد التربوية ولا النظريات ولا آراء العلماء في كيفية التعامل الأمثل مع الطفل، ورغم هذا تجد كثيراً من الأطفال خرجوا من تلك الأُسر ومن وسط تلك التربية وهم يتمتعون بالأخلاق والسلام النفسي والتفوق الحياتي، لعل الأم والأب في هذه الأسرة منحوهم الحب والحنان والرعاية والدفء والأهم الحماية، حتى كبروا، وبات هذا الطفل قادراً على إدارة حياته، الذي أقصده أن هذا الطفل لم يعان من أم أو أب متسلط أو قاس، وبسبب هذا فقد الحب والحنان، وأيضاً فقد قيمته كإنسان لأنه تعرض لموجات متكررة من العنف اللفظي والجسدي. كل الذي وجده أسرة مستقرة وهادئة تركز على الأساسيات والجوانب الرئيسة في الحياة.
تربية الأطفال ليست كابوساً، ولا هي إزعاج أو حمل على الكاهل، إنما هي حياة متتالية ومستمرة، حياة يكتنفها الاستمرار والعمل المتواصل والانشغال الدائم، ومع مثل هذه الحالة نحتاج إلى وقفات ومراجعات، وقفات ننظر لما مر بنا وكيف تعاملنا مع الأحداث، ومراجعات من خلالها ندقق في تعاملنا وردات فعلنا وهل كانت صائبة أم خاطئة؟.. لا أحد ينازع أو يختلف في أن الوعي بجوانب التربية الصحيحة مهم، وأن العلم والمعرفة حيوية وتسهم في التخفيف علينا، ولكن قيماً أخرى لا تقل أهمية، إن تم استحضارها بشكل قوي وباتت ماثلة في حياتنا، أثرها سيكون كبيراً وشاملاً.
نحن نحتاج إلى تبسيط التربية كمفهوم وتعامل وطريقة، امنح طفلك الحب وأشعره بهذا الحب، امنحه الحنان وليشعر بحنانك، الطفل في سنواته الأولى لا يحتاج إلى قيم ومبادئ، هو لتوه يتعرف إلى محيطه ويخطو أولى خطواته، كيف تريد تربيته وهو لتوه يبدأ في حمل الملعقة بيده، أول درس لكل أم وأب، هو إدراك مراحل العمر والحاجة الفعلية لكل مرحلة، ولعل هذه أولى العلوم والمعارف في مجال التربية.