الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

الحلف الأطلسي.. والأجندة التركية

كان من المفترض أن يطفئ الحلف الأطلسي شمعته الـ70 في قمة لندن في أجواء احتفالية وطقوس من النصر والنجاح.. أليس هو من استعمل ماكينته الأيديولوجية وآلته الاستخباراتية وقدراته العسكرية في تفكيك المنظومة السوفياتية وهزم الفكر الشيوعي؟!

اليوم يلتقي قادته في لندن وتساؤلات مصيرية تخيّم على وجود الحلف، منها ما فائدة الإبقاء على هذا التحالف الأمني إذا كان أحد أعضائه، تركيا، يملك ثاني جيش في الحلف يتبع أجندة سياسية وعسكرية تضرب بعرض الحائط مصالح دول الاتحاد الأوربي بل وتهدد مباشرة أمنها واستقرارها؟، وأين روح التحالف القاضية بالحفاظ والدفاع عن المصالح المشتركة عوضاً عن نسفها من الداخل كما تفعل تركيا أردوغان، التي يطلق عليها ـ من البعض ـ لقب العدو الداخلي؟

متاعب الحلف الأطلسي بدأت مع مجيء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث رأى عدم صالحية المنظومة الأطلسية ولا ملاءمتها لرهانات العصر الأمنية، لأن الزمن تجاوزها.


وتحت ضغط الأوروبيين تراجع دونالد ترامب عن هذه التصريحات النارية، لكن في الوقت ذاته طلب من الدول الأوروبية الأعضاء تخصيص 2% من ميزانيتها للمشاركة في قضايا الدفاع، وضخ أموال في خزينة الحلف وشراء أسلحة أمريكية، وتبع ذلك جدل صاخب بين مؤيد ألماني ومشكك فرنسي.


لكن الضربة التي أضعفت قدرات الحلف الأطلسي العسكرية والسياسية جاءته من تركيا عندما قرر أردوغان ـ دون استشارة أي دولة أوروبية ـ القيام بعملية عسكرية في شمال سوريا بحجة القضاء على المجموعات الكردية الإرهابية.

وكان أن استشاط الأوربيون غضباً، معتبرين العملية العسكرية التركية حليفاً موضوعياً لتنظيم داعش، بما أنها تقضي ميدانياً على القوى التي حاربته وتفتح سجون الدواعش، وتسمح لهم بترميم صفوفهم، وما زاد الدور التركي خطورة لهجة الابتزاز التي استعملها، خاصة عندما هدد بفتح أبواب الهجرة السرية وإرسال تعسفي للإرهابيين إلى الدول الأوروبية. وكان أردوغان قد تسبب بغضب حلفائه الأطلسيين عندما اقتنى منظومة الدفاع الروسية أس 400 التي ستضعف قدرات الحلف العسكرية لصالح منافسهم التاريخي روسيا فلاديمير بوتين.

أمام هذا الوضع المتردي وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وضع الحلف بأنه يعيش موتاً سريرياً أملاً منه أن يحدث صدمة تزعزعه في قمته الـ70 وترغمه على مراجعات عسيرة.