الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

السودان.. نهاية «الإنقاذ» وعبثية مؤتمره

بعد أن كشف الشعب السوداني عن زيف الإحساس بالأمان والهدوء، في لحظة من وقت نظام الإنقاذ وحزبه الحاكم، تساءل: عن الأسباب والمصادر والدوافع.. فهل هي الفقر والبؤس الاجتماعي أوالتطرف الديني أم آثار المناخ السياسي والاجتماعي والدولي؟

قدم السؤال السابق تفسيراً عقلانياً لفعل غير عقلاني، وهو فعل إظهار التدين وجعل الدين غطاء للفساد والرغبة اللاواعية لتدمير الأعراف والقيم وتمجيد مشاعر الحقد والكراهية التي تبينت بشكل أدهش الجميع بعد سقوط النظام.

بناء عليه، جاء قانون تفكيك نظام الإنقاذ، وإزالة تمكين حزب المؤتمر الوطني وتفكيك كل ما يتعلق بما فرضه النظام من مبادئ الحاكمية،التي اتخذها القاعدة السياسية الوحيدة له، وقسراً فرض تطبيقه على المجتمع، وذلك تلبية لنداء الشعب.


30 سنة من عمر الزمان، رزح فيها الشعب السوداني تحت قمع الأصولية الدينية، حيث عمل كل من النظام والحزب على فرض الصيغة الأصولية على شعب بلد تتنوع فيه الأعراق والديانات، ضاربين عرض الحائط بتعاليم الدين الحقيقية، محاولين استلاب الوعي السوداني وتغريبه عن أهم تجليات الدين الإسلامي وسماحته.


فتبين عبث وهباء فلسفة حزب المؤتمر الوطني والأصولية، التي حاول بها فرض فكرة (التوالي) التي ابتدعها الشيخ حسن الترابي على المواطن لإيهامه بأن نظامهم هو دولة الحق والقانون والأخلاق المدنية، لكن تلك الأصولية تتعارض كلياً مع المجتمع الديمقراطي، بل كان يمثل مجتمعاً استبدادياً يتدخل في الحياة الفردية والاجتماعية، يحدد حتى شكل اللباس وطريقة الأكل ونوعية الذوق.

إذا تركنا العبث الفردي لجماعة حزب المؤتمر الوطني بالسيطرة على قدرات الدولة والمعبر عن عدمية الخلق، فإن العبثية كسلوك سياسي منهجي وأيديولوجي برز كدليل على عدم وجود عقلانية من ناحية ونوع من العدوان المبرمج من ناحية أخرى، وهذا السلوك هو ما أدى إلى انهيار نظام الإنقاذ وحزبه.. إنه سلوك مدمر ألقى بظلاله على حياة المجتمع وجمد مستقبل تطور الأمة لسنوات عديدة.

كل ما أخشاه هو أن الدولة العميقة لن تقبل بتفكيك مظلة (حزب المؤتمر الوطني)، ومن ثم تعمل على تحريك كتائب الظل والخلايا النائمة دون عقلانية سياسية، ووضع البلاد في دائرة العنف من خلال اللجوء إلى تحريك صناع الموت، فمن الضروري توخي الحذر وعدم التسامح مع المجرمين مع ضمان محاكمة فورية عادلة وعامة بعد التحقق من الجناة، لدرء خطر نتوء بذرة الإرهاب.. ولتكن العبرة من تجربة اجتثاث البعث وبروز الدواعش في العراق.