الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

التاريخ الكبير بين العلم والدين

التاريخ الكبير بين العلم والدين

عماد أحمد العالم

قرأت نظرية التطور بعد طول ممانعة استمرت أكثر من عقدين، ويليها أحد أهم الكتب المختصة بالتاريخ الكبير، وهو العلم الحديث نسبياً الذي يؤرخ ويبحث ويسرد ما قبل بداية الحياة والإنسان، أي نشأة الكون على أثر الانفجار الكبير قبل 13.7 مليار عام، والذي تحمل نظريته نفس المسمى إلى عصرنا الحالي.

إن البداية كانت بانفجار ذرة مجهولة المادة استمرت بالتمدد إلى أن بردت لينتج عنها الهيدروجين والهيليوم اللذان كوّنا النجوم، تلا ذلك السوبرنوفات الناتجة عن انفجار بعض النجوم لتظهر أنظمة نجمية جديدة، ومنها نظامنا الشمسي وكوكب الأرض.

وقد نشأت الخلية الحية الأولى على كوكبنا، مستمدة الحياة من مصادر الطاقة كالبرق والأشعة فوق البنفسجية، فانقسمت وتكاثرت عبر تسلسل معقد لتتشكل منها الطحالب والنباتات وتالياً الحيوانات، وجميعها سبق ظهور الإنسان، وعبر فترات من مئات الملايين من السنين حسب النظرية، على عكس الكائن البشري الذي يرجح مكان نشوئه في شرق القارة الأفريقية في فترة قيل إنها من مائتي ألف إلى مائة ألف عام من أصل عمر الكون.


لن أخوض أكثر في التفاصيل الفيزيائية والبيولوجية، والتي استدل بها العلماء لإثبات نظرياتهم، التي لم يحظَ أي منها بالإجماع الكلي، وخصوصاً من اعتبر الكتب المقدسة وعلى وجه الخصوص التوراة كتقويم للعمر البشري الذي قدرته من 3.5 إلى حوالي 5 آلاف عام قبل الميلاد، فيما لم يشر القرآن الكريم إلى تاريخ محدد، وإن كان وضح جلياً بما لا يقبل اللبس أن الله، سبحانه وتعالى، خلق السماء والأرض في 6 أيام، وهي الفترة الزمنية التي لا تنطبق على مقاييس كوكبنا، فالقرآن قد ذكر أن بعض الأيام عند الله تعالى كألف سنة وبعضها 50 ألفاً، وهذا يعني أن ما تم استنتاجه لعمر الكون، وإن لم يكن صحيحاً (ولا يعلمه إلا الله)، إلا أنه يتمتع بمصداقية تجاه طول الفترة الزمنية من بدء الكون حتى خلْق آدم على الأرض التي خُلقت قبله، وهو ما يحتم علينا أن نفرق بين خلق الكون والإنسان، وبالتالي لا نحظر الاجتهادات العلمية التي تتحدث عن التاريخ الأزلي قبل وجود البشر، فالعلم يجب ألّا يتعارض مع الدين ويجب ألّا يكون الأخير سبباً في الحجر عليه، طالما لم يتعارض مع القرآن والسنة.