الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

قطر وداعش.. السحر والساحر

هل علاقة قطر بالإرهاب العالمي عامة، وبداعش بنوع خاص، تحتاج إلى أدلة بعد ثبوتات قطعية طوال السنوات التي تجاوزت الست الأخيرة؟

المؤكد أنه منذ أوائل التسعينات احتضنت قطر كافة الجماعات الإرهابية التي عملت تحت غطاء الإسلام السياسي، الأمر الذي أكدته العديد من التقارير الاستخباراتية الأمريكية، وبعضها قطع بأنه لو كانت الدوحة وفرت المعلومات وساعدت في ضبط الإرهابيين لما جرت أحداث الـ11 من سبتمبر.

تعود اليوم العلاقة بين قطر وداعش إلى الواجهة من جديد، وبخاصة بعد التسجيل الذي أذاعه التنظيم على لسان أبوحمزة القرشي المتحدث باسمه، والذي يستهدف فيه وللمرة الأولى قطر بالاسم ويشير إلى القواعد العسكرية القائمة على أراضيها لإيواء الجيش الأمريكي، وإلى أبعد من ذلك، إذ أشار إلى أن الدوحة مولت فصائل متمردة ضد الجهاديين في العراق، إبان نهاية العقد الأول من القرن الـ21، وكذلك في سوريا منذ بداية الحرب الأهلية في عام 2011.

السؤال الجوهري هنا: «هل يجب علينا أن نصدق هذا الحديث، أم أن الشك هنا قائم وقادم وعلى ضوئه يجب أن يكون التفكير؟»

الشاهد أن حديث القرشي يكاد يكون شهادة حسن سير وسلوك لقطر، فهو يخبر العالم بأنها تمضي ضد توجهاته، وتسعى في طريق معاكس لانتشاره الدموي على الأرض، ما يعني أنه لا علاقة للدوحة بتشجيع الإرهاب أو تبنيه.

في الحالة القطرية غالباً ما يتوجب قراءة النصوص بشكل معكوس، فقد درجت على الأكاذيب، وصدور التسجيل في هذا التوقيت قد يكون دليلاً ضدها وليس إثباتاً لبراءتها.

بداية يأتي التسجيل الذي يحاول أن يغسل الوجه القطري من الإرهاب، وفي توقيت تمتد فيه أصابع الإرهاب حول العالم العربي، بتمويل قطري، ومرتزقة سورية، وإدارة تركية، ودعم أدبي ولوجستي إيراني، إلى بقعتين في العالم العربي، يعرف القاصي والداني ما بات يجري على أراضيهما، من اليمن إلى ليبيا بنوع خاص.

يجيء تسجيل القرشي وكأنه يوفر حماية أدبية، ويبسط مظلومية زائفة على قطر، لا سيما في ذكرى مرور 3 أعوام على المقاطعة العربية لها، ويمكن قراءة المناورة القطرية الداعشية بوصفها محاولة للهروب إلى الأمام ومحاولة إلهاء الداخل القطري بقصص البكائيات التاريخية المنحولة، وتحويل الأنظار عن الواقع الداخلي المرير، لا سيما من الناحية الاقتصادية، وحتى تبدو ضحية وليس جانياً.

ولعل السؤال الجوهري هنا مرة أخرى: هل يمكن لأحد أن يصدق جدية حديث القرشي عن قطر؟

بالقطع، قطر متورطة من أخمص قدميها إلى شعر رأسها في دعم تنظيم داعش، وربما كانت البداية الحقيقية صبيحة الـ16 من ديسمبر 2015، حين اختطف 28 شخصاً من الأسرة الحاكمة كانوا يشاركون برحلة صيد في جنوبي العراق.

القصة طويلة ولا فائدة من تكرارها، لكن الأسئلة التي طرحتها الدوائر الاستخبارية العالمية طوال السنوات الخمس الماضية، هل الإفراج عن هؤلاء كان لا بد معه من دفع مليار دولار للدواعش؟ وهو الأمر الذي اعتبر أكبر مبلغ تمويل علني لإرهابيين في للتاريخ العالمي.

تسجيل القرشي إنما جاء ضمن خطة تضليل قطرية محكمة ومؤكدة، وهي تمضي في طريق تخليق الطبعة الثانية من داعش في منطقة الجنوب الليبي، لتكون نقطة الانطلاق إلى عمق القارة الأفريقية.

فهل حان وقت مواجهة العالم لإرهاب قطر الخفي والعلني؟