الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

« خريج السجون».. والقبول الاجتماعي

«إذا افترضت الشر في شخص ما فسيعيش شريراً».. هذا المثل يختصر نظرة الناس والمجتمعات إلى «الانحراف»، الذي يعتقد كثيرون أن مرتكب السلوك وحده المسؤول عنه، بينما يرى بعض علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا، أن المحيط هو من أسهم في تغذية الميول الانحراف.

فمثلاً إذا ارتكب شخص ما جنحة، أو كان صاحب قضية جنائية تتعلق بعدم قدرته على سداد الديون، فزج به على الفور في السجن، رغم عدم قيامه بانتهاك قيم المجتمع ومثله العليا، بل تكالبت عليه ظروف الحياة، فيصنف فوراً لدى الآخرين على أنه «خريج سجون»، لتلاحقه هذه الوصمة وتحرمه من القبول الاجتماعي، فتؤدي إلى اتجاهات انحرافية أخرى له نتيجة ما وصل إليه من عزلة اجتماعية، فرضتها المعايير السائدة في المجتمع لا الفعل السلوكي ذاته.

هذا الأمر يدفعنا إلى التساؤل حول مدى إمكانية تغيير بعض المسميات التي تطلق على مرتكبي أفعال معينة يعاقب عليه القانون، وطريقة إنزال العقوبة عليهم بحيث لا تحول إحساسهم بالذنب إلى الإحساس بالظلم نتيجة نظرة المجتمع المسبقة نحوه، والتي تفاقم ميولهم الانحرافية، بدلاً من أن تقومها، وهو ما أكده علماء الاجتماع، مثل ليمرت وبيكر في أن رد الفعل المجتمعي إزاء السلوك المنحرف، غالباً ما يؤدي إلى تقويته، بدلاً من اختزاله، وأن الانحراف يخلقه المجتمع، وليس المفهوم العام في أن أسبابه تنبع من الواقع الاجتماعي للمنحرف، وإنما يعني أن الجماعات تساعد على خلق الانحراف بوضعها القواعد التي يمثل الخروج عنها انحرافاً.


رغم أن بعض المجتمعات ترى أن الإصلاح خطوة تلي العقاب، تبقى رؤية علم النفس والاجتماع مختلفة وفق جوهر روح القانون لا القانون ذاته!