السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الحب لا يكفي

هناك خلط واضح وكبير لدى البعض من الآباء والأمهات، بين التربية وسعادة الطفل، فهم يتجنبون كل ما يوتر طفلهم وكل ما يجلب له الغضب أو الكآبة، والمشكلة في هذا السياق أن الطفل ومنذ نعومة أظافره يشعر بهذه المعاملة التفضيلية، فيصبح زعولاً غضوباً، لأن طبيعة الحياة فيها كل يوم جديد. على سبيل المثال عند ذهابه إلى المدرسة في عامه الدراسي الأول، قد يتعثر ولا يستطيع تجاوز هذه المرحلة ليس لأنه متخلف ذهنياً ولا لأنه أقل في مستوى ذكائه من أقرانه، بل لأنه كثير التغيب عن المدرسة وأيضاً لا يوجد أي ضغط عليه من أجل الاستذكار والحفظ. ينشأ هذا النوع من الأطفال وهم قليلو خبرة وأيضاً معتقدون أن العالم الخارجي تماماً كما داخل منزلهم مراعٍ لمشاعرهم وملبٍ لرغباتهم وطلباتهم. الحقيقة كما نعرفها جميعاً تختلف عن هذا بشكل جذري.. كل من الأم والأب، عليهما مسؤولية جسيمة في تجنيب طفلهم هذه الحالة. عندما ترى إحدى الأمهات تسعى دوماً لإسعاد طفلها وتقديم كل ما يجعله ضاحكاً وفرحاً، ثق بأن تربية هذا الطفل تتم بطريقة خاطئة، وكثر بيننا من يتعامل مع أطفاله بكل رقة ووداعة، حتى في كلماته يختارها حتى لا يخدش أحاسيسهم، والبعض من الآباء يعتقد أن من واجبه أن يشاهد أطفاله ضاحكين وسعداء. هذه المعاملة ليست من التربية إطلاقاً، وهي بعيدة تماماً عن سياجها، وهي تؤدي إلى أذى للطفل، وأيضاً لا يوجد فيها أي حماية له في مستقبل أيامه، هذه النوعية من الأطفال تجدها على نوعين اثنين: إما طفل عدواني لا يرى للآخرين أي قيمة، والمهم دوماً مشاعره والأنا لديه متضخمة ويجب أن تلبى طلباته، وما سيواجهه في مقتبل حياته قاسٍ بكل ما تعني الكلمة، النوع الآخر شديد البراءة يعتقد أن جميع الناس طيبون ويجب التعامل معهم بعفوية ودون أي تصادم، وهؤلاء أيضاً سيتعبون من الصدمات العنيفة التي سيتلقونها وقد ينهارون. تربية الأطفال تتم وفق قيم ومبادئ، ووفق متطلبات حياتية، الحب والحنان تجاههم لا يعني إلغاء هذه المتطلبات والحاجات. ولنتذكر دوماً أن الحب وحده لا يكفي في تربية الأطفال.