السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الإعلام الإماراتي.. حديث السرير والأسرار!

إعلامنا الإماراتي ليس في «موت سريري».. كما أن المغردين لا يكتبون وهم «نائمون على السرير».. هاتان الحقيقتان هما خلاصة الحوار والنقاش الذي دار على مدى الأسبوع الماضي حول الإعلام الإماراتي.. فالمغردون الإماراتيون دائماً في الصفوف الأولى في الدفاع عن الدولة وقياداتها في كل الملفات وفي أصعب الظروف، وهذا لا يمكن إغفاله أو التقليل من أهميته.

وفي الوقت نفسه، أدت وسائل الإعلام الإماراتية دورها في الظروف نفسها بأدواتها ووفقاً لسياسات التحرير في كل مؤسسة، فوفّق البعض، وجانب البعض الآخر التوفيق أحياناً، لذا أعتقد أن تبادل الاتهامات غير مجدٍ ولا يخدم أحداً، أما النقد فهو المطلوب دائماً، فبالنقد البنّاء نتطور ونحسن من أدائنا ونتقدم إلى الأمام ونصحح الأخطاء.

لقد تعلمنا منذ اليوم الأول في هذه المهنة أن رأي الجمهور مهم ويجب الاستماع إليه بكل اهتمام، وهو مؤشر أساسي لقياس أداء الإعلام ونجاحه في تحقيق الأهداف، لذا لا يمكن القفز على رأي الناس وتجاهله، فمثل تلك الآراء والملاحظات - وإن كانت قاسية من البعض - إلا أنه لا بد من دراستها وتحليلها بشكل متأنٍّ والبحث جدياً في ما جعل الجمهور غير راضٍ، ومن ثم وضع الحلول المناسبة.


ربما ما أزعج الزملاء في المؤسسات الإعلامية في النقد الذي وجه للإعلام هو أنهم شعروا بأنه ليس هناك احترام لعملهم وجهدهم وإنجازهم، وأنه ليس هناك تقدير للظروف التي يعملون فيها والتحديات اليومية التي يواجهونها، فبعض أشكال القصور التي تم تداولها يعرفونها لكنهم لا يستطيعون أن يفصحوا عنها، ومن وجهة نظرهم فإن ذلك من «أسرار المهنة» لأنهم ببساطة يعملون في مؤسسات لها أنظمة ولوائح وقوانين، وهم يخضعون لها وليسوا مستقلين كزملائهم في وسائل التواصل الاجتماعي.


الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن كل شيء في الإعلام أصبح واضحاً ومعروفاً وليست هناك «أسرار» أو خبايا، فالجمهور يعرف كواليس العمل الإعلامي ويعرف أشياء كثيرة، كما أنه أصبح يصل إلى المعلومة والخبر بسهولة وبكل تفاصيلهما، وبالتالي هو يريد أن تكون مؤسساته الإعلامية في مستوى الحدث.. وأعتقد أن جميع القائمين على المؤسسات الإعلامية يدركون ذلك ويعملون عليه لكن ربما هم أيضاً يعانون «بطئاً» في الانتقال إلى المرحلة التالية، ولكل مؤسسة أسبابها.

إذا أردنا أن نعالج مشكلة الإعلام فإن أول شيء يجب أن نفعله هو الابتعاد عن «شخصنة» الأمور، فيجب ألا يعتبر أي مسؤول في الإعلام أن النقد موجه لشخصه أو يستهدف الانتقاص من جهده وإنجازاته، وفي الوقت ذاته يجب ألا ينطلق المنتقدون في نقدهم من منطلقات «شخصية» لتصفية حسابات مع هذا المسؤول أو الإعلامي أو ذاك!.. فمعالجة الأخطاء والقصور في أي قطاع تتطلب الحيادية والشفافية والمسؤولية، وبالتالي يمكن الوصول إلى نتيجة إيجابية.

يجب أن ندرك أن مشكلة الإعلام أكبر بكثير من أن تختزل في مسؤول في مؤسسة إعلامية أو في شخصية إعلامية، كما أنها أكبر من أن يتم إلقاء اللوم فيها على مؤسسة إعلامية واحدة، فبالنسبة لنا كصحافيين وإعلاميين نعرف تماماً أين الداء وما هو الخلل، وقد يكون الدواء معروفاً أيضاً، فإعلامنا الذي تكمل مؤسساته هذا العام 50 عاماً، إذ انطلق أغلبها في نهاية الستينات من القرن الماضي، وأصبح واضحاً اليوم ما تقوم به والأدوار التي كان مطلوباً منها القيام بها، وتلك الأدوار كثيرة، وليس هذا مجال ذكرها، ونجاحات الإعلام على مدى العقود الخمسة الماضية واضحة للكبير والصغير.. لكن شيئاً كان لا بد من أن يحدث في السنوات الأخيرة، ويمكن الإشارة إليه بشكل سريع وهو «التحديث» في المحتوى والفكر والرؤية الإعلامية، ومواكبة العصر والظروف والمتغيرات من حولنا في المنطقة ومواكبة ما يتطلع إليه الجمهور.

إن عدم حصول «التحديث» بالشكل المطلوب ربما جعل الجمهور يشعر بالإحباط من بعض مؤسساتنا الإعلامية التي ما زالت تقدم محتواها بروح إعلام «الدولة الفتية المتجهة للتنمية»، في حين أن الإمارات تجاوزت هذه المرحلة إلى مرحلة أصبحت فيها رقماً فاعلاً في الأحداث الإقليمية والعالمية، وشريكاً فعلياً في محيطها ومتفاعلة مع قضايا العالم، وبالتالي أصبحت تواجه تحديات لم تكن تواجهها في الماضي وأخطاراً وحملات تحريضية ودولاً معادية وإرهاباً، وغيرها من الأمور التي لم تكن تعرفها الدولة من قبل، وبالتالي لم تكن من أولويات الإعلام سابقاً.. وحيث إن الوضع تغير والأولويات اختلفت، أصبح على الإعلام مواكبة ذلك بكل قوة، فمن الناحية العملية أدى الإعلام دوره في كل الأحداث الأخيرة.. لكن ربما لم يحدث ذلك بالمستوى المطلوب، الأمر الذي جعل الجمهور يكشف عن موقفه واستيائه من الإعلام، ويبدأ بمطالبته بما يريد.. ونتفق جميعاً أن هذا حق مشروع وطبيعي ولن يمر من دون أن ينال نصيبه من الاهتمام وإعادة النظر في بعض الأمور، وربما يكون جزءاً من عمل واستراتيجية الإعلام للاستعداد لعام الخمسين.