السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

التجربة التنموية الإماراتية.. الأنموذج

تجاربُ تنمويةٌ ناجحة، ونماذجُ اقتصاديةٌ متفردة لدول تمكنت من ترجمة مشروعاتها الاستراتيجية لتحقيق تنمية مستدامة، فمن يطالع النماذج الأوروبية والأمريكية والكورية والسنغافورية واليابانية والفنلندية والماليزية وغيرها، تتجاذبه تلك المبادرات والمشروعات التي أضحت نموذجاً يحتذى في الريادة التنموية.

وبالتوازي، فإن من يطالع التجربة التنموية الإماراتية، خاصة في مراحل النضج الحالية، يقف أمام نموذج يماهي نظائره العالمية، ومراتب الدولة التنافسية التي حققتها خير برهان على هذه الريادة، ولأن التوثيق والتأصيل ضمان للمعرفة والاستدامة، فقد آن الأوان للنموذج التنموي الإماراتي أن يعاد توثيقه ليكون أنموذجاً من خلال 3 مبادرات نستشرفها ونحن على أعتاب الخمسينية الجديدة. المبادرة الأولى تتمثل في توثيق النموذج من بداياته ومراحله واكتماله، وصولًا لما حققه على المستوى الاقتصادي والمجتمعي والصحي والتعليمي والأمني والإلكتروني والإنساني داخلياً وخارجياً، ليكون سفراً تنموياً مؤصلاً وموثقاً لهذه الرحلة الواعدة والملهمة لكل عشاق رِفعة الأوطان.

والمبادرة الثانية نراها الآن رأي العين في نقل المعرفة الضمنية إلى معرفة ظاهرية لدول أخرى، لتكون رأسَ مال جديداً، وقوة دافعة للنمو والاستدامة، ونحتاج هنا إلى تصنيف النموذج ليشمل: النموذج الإماراتي العالمي في التطوير المؤسسي، والنموذج الإماراتي العالمي في التطوير القيادي، والنموذج الإماراتي العالمي في الخدمات الحكومية، والنموذج الإماراتي العالمي في تمكين المواهب، وغير ذلك، لتكون هذه المبادرةُ هُويةً تنمويةً معرفيةً تتشاركها مع دول أخرى، إقليمياً وعالمياً، لأنها مبادرات وإسهامات استباقية واستشرافية أصبحت لها بصمات واضحة ومؤثرة.


والمبادرة الثالثة أن تكون التجربة التنموية الإماراتية ضمن المساقات التعليمية بالمراحل التأسيسية والجامعية، مع تخصيص كراسٍ أكاديمية لها، ومِنح وبعثات لتعزيز ريادتها عالمياً بعدما حققته من النضج واكتسبته من نجاحات نقلتها إلى مصاف النماذج العالمية، خاصة أنها تجربة بدأت من حيث كان يفكر أن ينتهي الآخرون، تجعلها جديرة بأن تُدرس بشكل علمي وعملي، وتفرد لها البحوث والدراسات لتنتقل من طور الممارسات والمبادرات والمشاريع إلى تأصيل أكاديمي يبحث في جذورها، ويحلل مجالاتها، ويؤرخ مراحلها، ويُعلِي من نتائجها، ويرصد أثرها وبصمتها.


وإن كان النموذج السنغافوري بدأ عام 1965، والنموذج الكوري عام 1971، فقد آن الأوان أن يكون ضمن الاستعداد للخمسينية ترسيخ عالمية النموذج التنموي الإماراتي ليصنع مع الهوية الإماراتية مَعلماً فريداً، وقبلة للطامحين نحو بناء مجد الأوطان وحضارتها، لنحتفي بإنجازات 50 عاماً، ونستشرف 50 أخرى.