الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

الإمارات والطاقة النووية السلمية

قبل بضعة أيام أعلنت شركة «نواة للطاقة»، التابعة لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية والمسؤولة عن تشغيل وصيانة محطات «براكة» للطاقة النووية السلمية، عن تسلمها رخصة تشغيل المحطة الأولى من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، وهي الجهة المستقلة المسؤولة عن تنظيم القطاع النووي في الإمارات، والتي تفوضها بتشغيل الوحدة من محطة براكة للطاقة النووية ولمدة 60 عاماً.

والمعروف أنه في عام 2020 سيتم الانتهاء من إنشاء 3 محطات للطاقة النووية السلمية في الإمارات.

هنا يذهب البعض للتساؤل: ما حاجة الإمارات للطاقة النووية ولديها بديل أفضل وأسرع، وحكماً أكثر أماناً من المخاطر المتعلقة بالمفاعلات النووي، ألا وهو النفط؟

أدركت الإمارات وكافة الدول المنتجة للنفط أنه مخزون قابل للنفاد في توقيت زمني بعينه، وأنها بتصدير النفط في صورته الخام على النحو الذي جرت به المقادير طوال العقود السبعة الماضية، أمر تجاوزته الثورة الصناعية، لا سيما صناعة البتروكيماويات، بمعنى أن برميل النفط الخام الذي يباع في الأسواق في حدود الـ60 دولاراً، يمكن أن يطرح في الأسواق في شكل صناعات أخرى ومنتجات مغايرة تعادل 3 آلاف دولار للبرميل الواحد، ما يعني أن الرهان على تصدير الخام يتغير، كما أن التنمية المستدامة على الأراضي العربية تستدعي توافر بدائل استثنائية في حال تعرض الاقتصاد العالمي لأي نوع من الاهتزازات أو الاضطرابات.

هنا تبدو الطاقة النووية للعالم العربي، الطريق الأكثر رحابة للسير فيه، وبخاصة في ضوء الاستخدامات الأنفع لهذه الطاقة، والتي تتجاوز الاستخدامات الأولية للنفط والغاز... ماذا عن ذلك؟

يبدو العالم العربي على مشارف العقد الثالث من القرن الـ21، وكأنه بالفعل على مفارق طرق، وإذ ينظر المرء إلى الخطط والرؤى التي تحكم غالبية الدول العربية لجهة المستقبل يجد أن جلها يتحدث عن مدى زمني يصل إلى عام 2030، وبعضها الآخر ينسج مشروعاته حتى عام 2040، ما يعني أن هناك رغبة قوية وحقيقية في عملية تنمية مستدامة على كافة الأصعدة، وحتى إن كانت مسألة توليد الكهرباء تعد جزءاً رئيساً منها، إلا أن هناك مسارات أخرى تحتاج إلى خطط يمكن للطاقة النووية أن تعجل فيها بالإنجاز، من عينة الزراعة والغذاء والطب واستكشاف الفضاء، وتحلية مياه البحر.

يراهن العالم العربي على توسيع رقعة أراضيه الزراعية في السنوات المقبلة، وهنا يمكن للطاقة النووية أن تساعد عبر الإشعاعات غير الضارة في مسألة مكافحة الحشرات الضارة وحماية المحاصيل الزراعية، وبالتالي محاربة نقص المواد الغذائية، لا سيما من الحبوب.

القضية الثانية والجوهرية بالنسبة للعالم العربي تتمثل في المياه النقية الصالحة للشرب.

هنا أيضاً تطفو على السطح قضية تحلية مياه البحر، والتي تتطلب كميات هائلة من الطاقة، ويمكن للمنشآت النووية توفير الطاقة التي تحتاجها محطات التحلية لتوفير مياه صالحة للشرب، وهناك بعض التجارب الناجحة جداً في هذا الإطار، فعلى سبيل المثال، استخدمت محطة «كاينون ديابلو» للطاقة النووية في المناطق القاحلة في ولاية كاليفورنيا في تشغيل محطة تحلية مياه قريبة تسهم في توفير إمدادات ماء موثوقة وآمنة للمنطقة.

جاء الإعلان الإماراتي الأخير ليدشن عهداً عربياً جديداً من الطاقة النووية للأغراض السلمية، ومعروف أن الحكومة الإماراتية قد صرحت في إعلان مبدئي عام 2008 بأن احتياجاتها من الطاقة الكهربائية ستزيد حتى عام 2020 بنسبة 150%، ولتبديد مخاوف الدول الأجنبية بخصوص الاستفادة من الطاقة النووية لتحقيق أهداف عسكرية، فقد تعهدت الإمارات بأن تستغني عن التكنولوجيا الشائكة الخاصة بتخصيب المواد المشعة وإعادة استخدامها، وهو ما جلب لها مديحاً وتقريظاً دولياً

الخلاصة.. الإمارات طليعية سباقة دوماً.