الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

(كبريت) يطفئ النار!

تدور الأيام حولنا كالسباق، في حلبة التناقض والانطباق، كاختلاف الانتصار عن الإخفاق، وتوافق النجاح مع النفاق! وتفوّق الخصام على الاتفاق، وتكاثف الأعداء باسم الرّفاق، واختلاط الرحمة بالإشفاق، وتدهور المشاعر والأشواق، لتُباع القلوب في الأسواق، بسعر العبث والإرهاق، والحب حد الإزهاق، والتقارب عند الانشقاق، والتعايش مع الشقاق، تماماً كالفراق بعد العناق، أو الخزي برفع الأعناق، أو التنفس بالاختناق، كاستنشاق الوضع الشاق، والاستهانة بكل المشاق، ثم فجأة، تبزغ 5 دواوين عن العشاق، بيد (حسين المحضار) شاعر الحب والأخلاق، والموسيقي الفذ والملحن العملاق، وربما الأكثر شهرة على الإطلاق، في بلاد اليمن أرض الخير والانطلاق.

طوال حياته لم يشعر بالمهانة أو بالعار، كونه لا يقرأ الموسيقى إلا بالاستشعار، فهو لم يدرس «النوتة» وفقاً للدروس والأسعار، ومع ذلك خرجت موسيقاه من بين الأشعار، حيث لم يعزف على أي آلة مع أقرانه الصغار، ولكن لم يشعره ذلك بالنقص أو الاستصغار، فالحقيقة أنه لم يضبط يوماً الأوتار، ليس بسبب التهاون أو الاستهتار، وإنما أراد اثبات واقع إبداعه المُختار، عبر إجابة سؤال المحتار، [كيف أثبتَ ابن المحضار، أن الكبريت يطفئ النار!؟]

رغم أنف قواعد الإيقاع بالضبط والتوقيت، ومبادئ الألحان وأسس «التنويت» والتثبيت، اكتفى بتلحين قصائده في كل بيت، بعيداً عن شيطان الشعر ووحي العفريت، هكذا دقَّ ألحانه على علبة الكبريت!! باعتبارها آلة متكاملة لا تحتاج الدوزنة أو التزييت، وكأنه يمارس فناً خاصاً باسم الطبطبة أو التربيت، على ظهر آلته الكبريت، بإصرارٍ وثباتٍ مستميت! لكيلا يسمح بالتشويش المقيت، ولئلا يتيح المجال للالتباس والتشتيت، ولا يتقبل أساليب التضييع والتفويت، ليحتل المركز الأول في الإبداع وانتشار الصيت، دون الحاجة إلى مسابقات المواهب والتصويت.

لقد طوّر المحضار معنى الأغنية الحضرمية، مع أنه لم يعتمد على قوانين البنية العلمية، ولكنه برز من خلال أعماله الفنية وأشعاره الغنائية، وبعض أعماله الثُنائية والاستثنائية، مع الفنان اليمني الكبير (أبوبكر سالم)! ليصبح إعراب أعمالهما (جمع مبدع سالم)!