الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

السارق يحسب الناس لصوصاً

نسمع بين وقت وآخر شكوى من هنا أو هناك وتذمراً من الناس، وأن البُعد عنهم فيه خير وبركة، والحقيقة أن مثل هذه الشكوى ليست وليدة لظروف عامة جديدة، ولا هي نتاج حالة شاملة يعانيها الأفراد في مجتمع ما، بل هي إفرازات نفسية خاصة بكل واحد منا، بمعنى أننا عندما نسمع مثل هذه الشكوى فإنه يقف خلفها تجربة فاشلة أو موقف وحدث مؤلم مر بالقائل وحده، ولو تحدثت معه قليلاً وناقشته فيما قاله، ستكتشف بسهولة أن تلك الكلمات ناتجة بسبب ضيم أصابه من صديق أو زميل أو نحوهم من المقربين منه، ومع هذا فإنه تحدث بشكل عام عن الناس جميعاً ودون استثناء. وكما يقال الإنسان كائن اجتماعي، لذا البعض منا له تجارب فاشلة مع الآخرين، مثل انهيار صداقة أو انفصال أو فشل مشروع تجاري لشركاء كل واحد منهم يتهم الآخر، أو غيرها من الأسباب التي تحدث خلالها خلافات وتباينات، من هنا تظهر مثل هذه الأحكام والقرارات بتجنب الناس وأن فيه راحة، أو أن الحذر من الناس فيه تجنب الكثير من الألم، ونحوها. كما سبق وذكرت مثل هذه التهم والتعميم تأتي خلال حالة نفسية متردية للفرد، ولكن المشكلة أنها تبقى كأيقونة أو كحكمة يتم ترديدها أو كأنها درس حياتي ثمين. الجانب الذي يجب علينا التنبه له هو ماذا عنا نحن؟ بمعنى لماذا لم نوجه لأنفسنا أي نقد؟ لماذا أسقطنا اللوم والعتب على الآخرين ونسينا دورنا وما قمنا به؟ وهنا أستحضر مثلاً نرويجياً يقول: «يعتقد السارق أن كل الناس لصوص». إن كان الناس سيئين فماذا عنك، ألست من الناس؟ هي دعوة لنحاسب النفس أولاً قبل توجيه التهم للآخرين وكأننا ملائكة.