الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإمارات.. وسوق الصحة العالمي

في الوقت الذي كان يتخبط فيه رجال السياسة، وتسقط البوصلة من أيدي رجال الاقتصاد، ويغشى القلق والخوف والتشاؤم عيون الكُتاب وصانعي القرار، كانت مقولة رُبان الفكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بقي العالم لسنوات يتجادل فيمن يقود الآخر، هل تقود السياسة الاقتصاد؟ أم الاقتصاد يقود السياسة؟ ومن؟ العربة أم الحصان؟ واكتشفنا في زمن كورونا أن الحصان وعربته تحملهما الصحة وتقودهما مرغمَين حيث تريد.

هذه الحكمة كانت هي المصل الأول للفكر والسياسة والاقتصاد، وإن دولة الإمارات وما تملكه من بنية تحتية متقدمة في الرعاية الصحية وجودة منشآتها الصحية تعادل مثيلاتها في الدول المتقدمة، مُسخَّرة لخدمه المواطن والمقيم فيها، ولكن لم يتم تفعيلها اقتصادياً وسياسياً.

وتشير التقارير الحديثة إلى ارتفاع الإنفاق العالمي على الرعاية الصحية 5% كل سنة، وقد يتضاعف ذلك خلال السنوات المقبلة، وتقدر منظمة الصحة العالمية ما ينفق على الرعاية الصحية في العام بـ6.5 تريليون دولار، وتشير التقارير أيضاً، إلى أن نمو قطاع السياحة الطبية من 60 ــ 70 ملياراً عام 2015 قد يصل إلى أكثر من 170 مليار دولار 2023، بمعدل نمو قد يصل إلى 8.8% سنوياً.


واليوم، أصبحت الصحة هي الأولوية، حيث تستحوذ دول مثل تايلاند وسنغافورة وكوريا والبرازيل وتركيا وماليزيا وكوستاريكا والمكسيك والهند على هذا السوق.


ولكن تستطيع دولة الإمارات بما تملكه من موقع استراتيجي وكوادر إداريّة وطبية وبنية تحتية، المنافسة بل الاستحواذ على نصيب كبير منه وليس هذا فقط، بل نستطيع إدارة استثمارات مشاريع الرعاية الصحية خارج الدولة، فلنا خبرة كبيرة في إدارة قطاعات كبيرة مثل الموانئ والاتصالات، وستصبح الصحة هي الذراع القوية للقوة الناعمة.

إن السياحة الطبية تتطلب البدء من الآن في تسويق التحديات الكبيرة التي تغلبت عليها الدولة وتقدمها الترتيب العالمي في التصدي لجائحة كورونا، وكذلك التسويق للبيئة الصحية وخلوها من الانبعاثات، والعمل على إصدار التشريعات والقوانين التي تخدم هذا التوجه، وإعادة التقييم والهيكلة لمختبرات صناعة الأدوية، فعلينا التوجه إلى المستقبل القريب بنظام رعاية صحية لا يركز على العلاج بقدر الوقاية، والتدخل المبكر، وتقديم نموذج للعالم لرعاية صحية ذكية.