الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ماذا ستفعل بـ100 مليون دولار؟

بعد إعصار «كوفيد-19» لم يجتح العالم منافس لهذا الفيروس الخبيث إلا فيروس الكراهية الذي أطل بوجهه القبيح مؤخراً عندما نطق «جورج فلويد» كلماته الأخيرة (لا أستطيع التنفس)! وهنا كسر ملايين البشر في عددٍ من دول العالم حاجز العزلة ليشعلوا الشارع بتظاهراتٍ غاضبةٍ ضد مرض الكراهية الأبشع «العنصرية» وشكّلوا رأياً عاماً عاصفاً كان له بالغ التأثير على مجريات الأحداث وخاصة العقوبات التي تنتظر المذنبين ومن يسلك سلوكهم.

مئات الشخصيات العامة حول العالم أعلنت عن غضبها الشديد وحزنها العميق للحادثة البشعة التي شاهدها الجميع من خلال مقطع فيديو واضح، وكان لهذا الأمر أيضاً بالغ الأثر في شحن الرأي العام ضد الفكر العنصريّ وأتباعه وكل النتائج الهمجية الناتجة عنه. وفي خضم اشتعال وسائل الإعلام بالتغطيات المتنوعة الناجمة عن هذه الحادثة وردود الأفعال الرسمية والشعبية عليها، يبرز تصريح هادئ لكنه مختلف في نضجه وفكرته وعواقبه ورؤيته الثاقبة للمستقبل، فقد تبرّع أسطورة كرة السلة الأمريكية «مايكل جوردان» بـ100 مليون دولار لمنظماتٍ تكافح من أجل المساواة العرقية والعدالة الاجتماعية، ويُعدّ هذا التبرع أكبر مساهمةٍ لشخصيةٍ رياضيةٍ في العالم لمصلحة منظماتٍ غير ربحية.

قال «جوردان» في بيان إن علامته التجارية «جوردان براند» ستوزّع المبلغ على مدى 10 سنوات لمنظماتٍ مختلفة في محاولة لمعالجة «العنصرية المتأصلة» وأضاف أنه حزين بشدة وغاضب تماماً، وتابع: لقد سئمنا، يجب أن نواصل التعبير السلمي عن الظلم والمطالبة بالاعتراف بالمسؤوليات.

هل تدركون القوة المالية للمبلغ المذكور في الخبر؟ ومدى تأثيرها في أي قضيةٍ توضع لخدمتها؟ هل تستشعرون مدى النضح الفكري والرؤية الحضارية المصاحبة لهذا القرار؟ هل تتخيلون ما الذي يمكن للعنصرية أن تفعله في كوكبنا لو لم نتكاتف جميعاً بكل طاقاتنا لمواجهتها؟ والسؤال الأهم والأصعب هو.. أين التبرعات السخية المفترض أن نسمع بها مقترنة بأسماء نجوم الوطن العربي اللامعين؟ أين فكرهم وخدمتهم لمجتمعاتهم؟ أين القضايا النبيلة التي يجب أن يقفوا داعمين لها؟ عشرات القضايا الماسّة في عالمنا العربي تنتظر مبادرات مؤثرة.. ولقد أسمعتَ إذ ناديتَ حياً.. ولكن!