الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

هي التي تحدد مستقبلهم

يؤكد بعض علماء التربية والنفس والمتخصصين في الطفولة، أن التربية تبدأ في عمر الخمسة أشهر، ومثل هذا القول قد يبعث على الاستغراب، فما الذي يمكن أن أعلّمه لطفل رضيع في أشهره الأولى؟ وما الذي يمكن أن تربي عليه رضيعاً لم يتجاوز الخمسة أشهر؟ والحقيقة أن مثل هذا الاستغراب والذهول أمر بديهي ويمكن تفهُّمه، لكن النقطة الجديرة بالتوقف عندها هي التربية وجوهريتها وأهميتها، التربية التي تختلف تماماً عن توفير الأساسيات للطفل من مأوى وبيئة ومأكل ومشرب، تختلف عن منحه الأمان والاطمئنان والاستقرار، تختلف، لأن التربية تضم هذه الجوانب جميعها وتؤثر فيها دون استثناء، عندما يتوجه الطفل نحو التعليم بحماس وحيوية وتفانٍ، فذلك لأن تربيته قامت على المعرفة والعلوم، والطفل الذي تجده يحب النظافة ويحافظ على الممتلكات العامة والخاصة، فذلك لأن تربيته كانت شاملة لحقوق الآخرين ومعنى حق التملك، وإن وجدت طفلاً يتحدث بعفوية وبكلمات واضحة وصادقة، فلأن تربيته قادته للابتعاد عن الأكاذيب والبذاءة، وإن وجدت طفلاً يتعاطف ويشفق ويرحم، فلأن تربيته قامت على المودة والألفة والمحبة. وهكذا.. التربية فعل مستمر ووظيفة لا تتوقف وهي دائمة، وأيضاً هي شاملة وعامة، ومن هنا ندرك حيويتها وجديتها وأيضاً أهمية القيام بها على أكمل وجه، دون إهمال أو توانٍ أو تأجيل. التربية هي الفعل الوحيد، الذي يُنتج عقولاً متوثبة نحو المستقبل، وهي التي تخرج لنا قدرات بشرية واعية وذكية، وهي التي تمنع الانحراف والخطأ وخسارة المواهب المستقبلية، لذا هي ذات مكانة عالية لا يمكن لأي وظيفة أخرى أن تقوم بما تقوم به، هي ذات رسالة عظيمة وعلى قدر عالٍ من الأهمية والحيوية لنا جميعاً ولجميع المجتمعات البشرية، لنربيَ أطفالنا التربية الصحيحة التي تساعدهم في مستقبل أيامهم، لنغذيَ أفئدتهم الصغيرة بالمحبة والألفة والتعاون والنقاء، فهي قيم مهمة يمكن ملء القلوب الغضة بها، من خلال التربية التي لها أثر كبير حتى على مستقبلهم.