الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الكينونة! ولادة الشخصية المتنمّرة ‎

الأخبار والقصص والأحداث والمستجدات المحيطة بقضايا التنمّر تنتشر بشكل كبير على رقعة حياتنا اليومية، شهراً بعد شهر نستطيع أن نلاحظ مدى اتساع هذه الظاهرة حول العالم، وللأمانة الخبرية فهذا الاتساع ليس معياراً أن الظاهرة نفسها تتوسع، بل هو الاهتمام بها والتقاط أخبارها وجديدها ما يجعلها تبدو لنا كذلك. الظاهرة في الماضي قبل ثورة الاتصال والتواصل كانت موجودة مختبئة في وجوه ملايين البشر الذين يعانون منها بصمت في الغالب، لأن الحديث عنها يكاد يكون عديم الأهمية. في الوقت الحاضر تغيّرت المعادلة وتزايد وعي العالم واهتمامهم بالقضية وإدراكهم لنتائجها الكارثية على الفرد والمجتمع ومغبة السكوت عنها واقتراف أخطاء الماضي في محاولة ردم المشكلة أو مواراتها بعيداً عن الأعين.

ولادة التنمّر داخل شخصية الإنسان له عدة أسباب وظروف وعوامل تتسبّب في نشأة الفكرة وحصولها على الصلابة اللازمة للاستمرار والنمو، وسأخوض اليوم في أحد هذه الأسباب التي قادتني لها ملاحظتي واستقرائي للعديد من القصص والتجارب والمواقف المجتمعية.

عند بداية تشكّل الشخصية في مرحلة الطفولة تبرز أهمية نشوء الكينونة المبدأية عند الطفل، وهي الإحساس بالقيمة والأهمية والدور الذي يلعبه في البيت والمدرسة والتقدير الذي يحصل عليه منهما ومن محيطه، هذا بالإضافة لاكتسابه بعضاً من المميزات الخاصة التي تشعره بالخصوصية عن باقي أقرانه. بعض الأهالي يشجّعون شخصية الولد الكبير المسؤول عن إخوته والمهتم بهم والذين يلجؤون له وقت الصعاب، هذا يشعره بكينونة متكاملة، البعض الآخر يشجّعون شخصيات أخرى في بناتهم وأولادهم حسب الطبيعة والظروف الأسرية، لكن الطامة الكبرى تكمن أين؟ عندما لا يقدّمون أي تشجيع أو تحفيز للطفل على أي ميزةٍ لديه، هنا يبدأ في التحول لإنسان «مزعج» وهنا نضع أكبر اللوم على ذويه، ففراغ الكينونة يجعل الطفل يميل لأسهل السلوكيات التي تشعره بوجوده وشخصيته وتأثيره وتميّزه! والإزعاج أمر سهل! وليته يقف عند ذلك، فما أن يجد الإزعاج لافتاً لنظر الناس له، سيحاول تطوير سلوكه لجذب المزيد من الاهتمام، فيتجه ليكون «مؤذياً» كي يخافه من حوله ويتّقون شره.

أيها الأهالي.. هل وصلت الرسالة؟ اللهم فاشهد.