السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الصفاء الذهني.. وقصة المقهى الإيطالي

تحدَّثت في عدة مناسباتٍ سابقة عن الانتشار الكبير هذا العام لحالات القلق والتوتر والاكتئاب على مستوى سكان العالم، تناولتُ معكم العديد من التفاصيل والمواقف والتجارب المستفادة. الجائحة ألقت بظلالها السلبية على معظم دول العالم، وكأن نتائجها السيئة لم تكن كافية! فبات مجرّد الحديث عنها ومتابعة أخبارها ومستجداتها من المسبّبات الرئيسية لتضخم حالات القلق والتوتر والاكتئاب حسب المتخصّصين.

لقد راقتني كثيراً قصة «كريستينا ماتيولي» صاحبة المقهى الإيطالي في روما، والتي فرضت قانونها الخاص على مرتادي المقهى «الحديث عن فيروس كورونا ممنوع»! تبرير «كريستينا» في غاية الروعة والانسجام مع مبدأ المقهى وخصوصية طقوس تناول القهوة والاستمتاع بها حسب الأصول، ألا وهو ضرورة توفّر عنصر «الصفاء الذهني» الذي لن يجد مكاناً بالطبع ضمن زحمة الأحاديث التي تضجّ بالقلق والتوتر والأجواء السلبية! فهي لم تقع في خانة رفض الواقع أو إنكاره! بل أرادت تعزيز حالة «الصفاء الذهني» لدى زبائنها وهذه خدمة ذات قيمة أكبر بكثير من جودة قهوتها.

لم تكتفِ «كريستينا» بذلك بل قامت بمساعدة زبائن المقهى على التزام شرط الابتعاد عن مناقشة الجائحة، فوضعت لافتة بجانب لافتة منع الحديث عن كورونا، تقترح فيها أفكاراً للمواضيع التي يمكن التحدّث بها، بينها «أخبار المنوعات وحياة المشاهير والتاريخ والثقافة العامة». وقد كان تفاعل الزبائن رائعاً وداعماً لها، تقول إحدى الزبونات الدائمات «طفح بنا الكيل من الحديث عن كورونا، ففى كل مكان نذهب إليه، لا موضوع سواه»! وتضيف هذه السيدة البالغة الـ58 «أرغب فى التحدث عن كل شيء إلا هذا الموضوع، أفضّلُ الحديث عن الطقس أو عن المشاهير أو غير ذلك».

عقوبات المخالفين في المقهى هادئة جداً، مجرّد تذكير للزبائن بأنه من غير المسموح الحديث عن هذا الموضوع! لقد كانت تجربة «كريستينا» مصدر إلهام للآخرين، إذ إن صاحبة مقهى في مقاطعة «ترنتينو» في شمال شرق إيطاليا، استأذنت «كريستينا» في وضع فكرة اللافتات نفسها في المقهى للسبب نفسه.

كفانا ثرثرة حول التوتر والقلق.. لنقم بتغيير دفة الحديث.. ما رأيكم؟