الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

بين الوصايا والمنفرجة

بقدر ما يكون مقام الشخص عالياً ورفيعاً، بقدر ما يتعين عليه ألا يكون نذلاً أو وضيعاً، كأن لا يكون متواضعاً ولا متسامحاً أو شفيعاً، وألا يكون فكره نيراً أو صدره متسعاً، حيث لا يحظى بالسعادة الحق إلا الخيرون من الناس، ولا يكون المرء خيِّراً، إن كان بلا إحساس، كثير الشك والريبة والوسواس، أناني يحب نفسه بلا مقياس، حد الغرق فيها والانغماس، وهنا تدق الحقيقة الأجراس، إنه كائن لا يحب أحداً من الأساس، أما بالنسبة لآراء الآخرين فهي مجرد وجهة نظر، لأنها حتماً لا تنفع ولا تضر، ولكن إياك ثم إياك أن تصنع الشر والضُّر، فتذوق بأمر الله جميع ألوان المر.

(حسن عريبي) المبدع الليبي، أحد أهم وأبرز الملحنين العرب، دخلت ألحانه بسرعة وسلاسة إلى القلب، وباتت أغلى من كل الجواهر والذهب، اهتم بتطوير صوته العذب، واعتلى قمة عرش الطرب، برع في فن «المالوف» الأندلسي والموشحات، ولحَّن مجموعة هائلة من القصائد والكلمات، ومن أهمها (المنفرجة، الوصايا، نعس الحبيب، وناح الحمام)، حيث لاقت هذه الأعمال الكثير من الاهتمام، وكذلك الشكر والامتنان والحب والاحترام.

نال (عريبي) عدداً ضخماً من الأوسمة وشهادات التقدير، كما كان أول نقيب لنقابة الفنانين بمستواها الكبير، وقد تم اختياره كرئيس للمجمع العربي للموسيقى في الجامعة العربية، الذي ضمّ كبار الموسيقيين من شتى الدول العربية، وذلك تثميناً لجهوده الجبارة ونفسه الصالحة الأبية، واعتزازاً بما تحمله أعماله من جاذبية، جذبت الكثير من الذائقة الغربية، بعيداً عن العنصرية القبلية والعصبية، ولعله لذلك اختير رئيساً في مهرجان الأغنية الليبية، وبعدها بسنوات قليلة توفي للأسف إثر أزمة قلبية، حيث إنه لم يأبه بتعاليم المشورة الطبية، وذلك أثناء قيادته لسيارته في العاصمة طرابلس أمام نادي الاتحاد، وقد شُيعت جنازته في اليوم التالي وحضرها جموع من الفنانين ومسؤولي الثقافة في البلاد.