الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أنماط التفكير.. رؤية مبسّطة للقبعات الست – الجزء الثاني

حسب الطبيب وعالم النفس المالطيّ المبدع «إدوارد دي بونو»، فالقبعة السوداء ليست مرادفةً للشرور أو السلبية الصرفة، بل العمق الفكري لها هو عمقٌ نقديّ بالأساس. إنها عقليةٌ يمتزج فيها الشك مع الخوف والحذر، ومن الطبيعي أن يرافقهم بعض التشاؤم الترقّبي لمساعدتهم في توقع الأسوأ، ليس حباً فيه.. بل لتفادي المخاطر الـمُحتملة التي أرسلت عدداً من المؤشرات باحتمالية حدوثها لذا تكوَّنَ القرار باعتمار القبعة السوداء تحديداً.

إن العقل الماثل تحت هذه القبعة يعمل عمل المكابح التي تحدُّ من سرعة وحماسية الاندفاع المتهوّر أو غير الممنطق أو حتى المغامر! فهو يستطيع كشف ورؤية كل نقاط الضعف والفشل واحتمالات الأذى في أمرٍ ما! لذا يعمل على تحطيم فكرة التفاؤل أو الاستبشار الإيجابيّ وفقاً لمعطياتٍ منطقية عقلانية صلبة. هذا لا يعني بالضرورة التراجع للوراء أو الاستسلام النهائي بل ينشر في الأجواء فكرة التأجيل لحين الوصول لحالة الاستعدادية الكاملة.

من يعتمر هذه القبعة دوماً سيكون مصدراً هائلاً للسلبية والمبالغة في التشاؤم، ولن يكون قادراً على تحقيق أي شيء ذي قيمة في حياته، لكن هذا لا ينفي أهمية هذه القبعة في وضع أسوار فكرية بغرض الحماية من الأخطار المحتملة، إنها تقفُ بشكلٍ مضاد أمام التسرّع الأهوج والمغامرات غير المحسوبة وتمنح صاحبها النظارة القادرة على رؤية العيوب الحقيقية والتي لا تُرى بنظارة التفاؤل والإفراط في الإيجابية.

عندما يدعوك صديق لرحلةٍ برية ثم يفاجئك بأنه ينوي محاولة اصطياد بعض الدببة البنية من خلال بندقية صيد قديمة، هناك بندقية واحدة فقط وهو لا يجيد استخدامها فقد قام بتجربتها مرة واحدة فقط! ويخبرك بأنه سيصوبها تجاه أول دب يلقاه ويحاول اصطياده وفي حال لم تصبه سنجري بعيداً عنه ونستمتع بالمغامرة والإثارة ولا داعي أبداً للخوف فلن يحصل لنا مكروه!

في هذه الحال لن تكون أي قبعة من قبعات التفكير مناسبة لك سوى السوداء.. حاول العودة لمنزلك فوراً.