الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

دخول الربيع

قبل أيام تلقيت رسالة نصية عبر الهاتف الجوال من أحد الأصدقاء الأرمن، يهنئني فيها بدخول فصل الربيع، وقد تبسَّمت على الفور عند قراءتي لتلك الرسالة، فقد كُنَّا نعاني من أشد موجات الحر، مع اشتداد درجات الرطوبة وانتشار الغبار.

تحدثت مع صديقي الأرمني هاتفيّاً، وعبرت له عن امتناني لتلك التهنئة، لكني قلت له مازحاً:

إن هذا الأمر ـ أي تعاقب الفصول ـ غريب بعض الشيء بالنسبة لنا، باعتبار أن المناخ الصحراوي لا تتضح فيه الفروقات التي يحس بها أهل المناطق الموسمية، وأننا نعيش ذات الإحساس غالبية شهور السنة عدا شهري ديسمبر ويناير، اللذين نحس فيهما ببعض التغيير.


الشاهد أنَّ ذلك الإحساس لم يكن سائداً في الحقبة الماضية حتى الثمانينات من القرن الماضي، فقد كان أهل الإمارات يستعدون للشتاء استعداداً كبيراً لشدة برودته ـ بالنسبة لهم ـ كما أنهم يستعدون للفصول الأخرى حسب احتياجاتها، سواء لجني الثمار أو للزراعة أو للسفر، فهم مندمجون بطبيعة تلك الفصول، ويحسون بها إحساساً عميقاً، وقد ورثوا ذلك عن أجدادهم الأولين، حيث كانت بوصلة الحياة في الماضي مرتبطة ارتباطاً كلياً بالفصول الأربعة.


في الإمارات العربية المتحدة أسماء الفصول تختلف منها للتسميات المعروفة، فهناك أسماء خاصة للفصول، ربما لأن أسماءها الخاصة تناسب المناخ الصحراوي، باعتباره مناخاً فريداً ليس له مثيل، فالشتاء يسمى شتاء، لكن الخريف يسمى «أصفرياً»، والربيع يسمى «صيفاً»، أما الصيف فيسمى «قيظاً»، وقد تعارف الناس على هذه التسميات، ووردت في أدبياتهم، ومجمل معاملاتهم، كما أنها مادة أحاديثهم اليومية.

ورغم أن الباعث لهذا المقال كانت تلك الحوارات الكثيرة التي أجريناها في مجلسنا عن تقسيم أشهر السنة هنا في بلادنا إلى أربعة فصول، وأن غالبية الناس يحسون بأن فصل الصيف هو الغالب على مجمل أشهر السنة، أما الفصول الأخرى فإننا بالكاد نحس بها، إلا أن الإحساس الذي يبعثه كبار السن من المعمرين هو أن الفصول قد تغيرت بالفعل بسبب كثرة المباني الزجاجية، وشيوع استخدام المكائن والمحركات وانتشار السيارات والآليات الأخرى.