السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

عائلة الحاج (ميشيل)!

لست طبيبة ولكنني متأكدة أن «قوة الذاكرة» هي أخطر الأمراض العقلية، وأن «ضعف التسامح» هو أشرس الأزمات القلبية، أما عن «كورونا الحقد» فهو طبعاً الأشد فتكاً بين التهابات الروح الفيروسية، لتبقى الحقيقة تبحث عن الجمال حتى في وحلٍ مليء بالقبح، في حين أن القباحة لا تبحث عن أي جميل إلا بنية الجرح، فمن حسنات الشيطان أنه لا يستطيع إخفاء وسواسه اللعين، كما أنه لا ينكر كيف يطيعه البشر في كل حين، عموماً قد يربح المنافق العالم ولكنه حتماً يخسر نفسه، وقد يخسر الصادق العالم ولكنه حتماً يكسب نفسه، أما الحاقد فهو بالتأكيد يخسر الاثنين، ولذلك كن عاشقاً لموسيقى السلام كي تكسب الاثنين، فهذا ما فعله الفنان الموسيقي المصري، الأستاذ العظيم (ميشيل المصري).

كان والده تاجراً، يبيع الأقمشة غير فاجر، صارماً وليس زاجراً، يعشق فن الألحان وشدو الغناء حد الجنون، ومع ذلك عارض باستماتة غريبة دخول ابنه عالم الفنون، ولكن (ميشيل) لم يستسلم بسهولة لهذه المعارَضة، وربما اعتبرها مجرد نوبة غضب أبوي عارِضة، هبت فوقه خوفاً عليه من بعض الألسن القارضة، ولهذا التحق سراً بمعهد الفنون الجميلة، حيث لم يكن بيده آنذاك أي حيلة، سوى تجنب ثورة والده الطويلة، وبالرغم من أنه كان عازف كمان منذ المرحلة الأساسية، إلا أن مدير المعهد وجهه لدراسة آلة الكورنيت النحاسية، ثم فجأة أصبح ملحناً متميزاً بالدرجة الماسية.

كانت والدته أماً حنونة جداً، ولم تفقد إيمانها بموهبة طفلها أبداً، فلطالما هيأت له الجو المناسب للمذاكرة والتمرين، ومراقبة عودة زوجها من عمله في كل حين، لتتفادى تصادمه مع ابنه والخصام على مر السنين، وهكذا كبر (ميشيل) ليصبح من أكفأ وأروع الملحنين، واسماً يفتخر به كل العرب خاصة المصريين، فسلامٌ على من أحب مؤلفاته وألحانه، وسلامٌ على من قدَّرها بقلبه ولسانه.