الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إن كنّا مهتمين بالأفكار وتشجيع العقول على إنتاجها!

في العادة المخترعون والمبتكرون ستجدهم في كل مجتمع وزمن، لكنهم يفتقدون الدعم والفرصة لإيصال صوتهم إلى صانع القرار. الإنسان المخترع أو المبتكر، قد يقدم فكرة عابرة لكنها مفيدة وصارخة في جديتها ووهجها بكل ما تعني الكلمة، ومع هذا فإن هذه الفكرة لا يمكن الاستفادة منها كما هي، بل تحتاج إلى جملة من الوسائل لترجمتها وتصبح واقعاً يمكن الاستفادة منها، لذا من الأهمية توفر الموارد المادية، والدعم المتخصص، فضلاً عن نقدها ومناقشتها والعمل على تطويرها ومعرفة عيوبها، وهذا جميعه يتطلب آلية عمل ووعياً تاماً بأهمية التفكير الإبداعي وما ينتج عنه.

كما هو واضح فإن الأفكار المبدعة التي أدت إلى الاختراع أو الابتكار لم تأتِ بعفوية أو لأن صاحب الفكرة قدمها وتحولت مباشرة إلى اختراع ما وانتهى الأمر؛ بل لأنه وجد بجانبه من يعمل معه لتحويل تلك الفكرة المبتكرة إلى واقع؛ والعقول العربية المخترعة والمبتكرة ليست قليلة وليست عاجزة، لكنها وحيدة ولا تجد الدعم ولا التشجيع ولا الرعاية، وعندما تغيب المظلة المناسبة عن تقديم مثل هذا الدعم، فإن تلك العقول تكون فريسة سهلة للشركات وتجار الأفكار، فتضيع الحقوق الأدبية والفكرية والمادية من أصحابها.

معروف أن هناك مراكز وهيئات وجهات رسمية لحفظ الملكية الفكرية، لكن لا توجد برامج ولا محاضرات ولا ورش عمل تقام وتتوجه للطلاب والطالبات ولا إلى الموظفين والموظفات ولا إلى المجتمع برمته، لتزيد من معارف الناس في الكيفية المثلى للتعامل مع أفكارهم وما تقدمه عقولهم من حلول للمشكلات أو ما يقدمونه من مشاريع حيوية ومفيدة.

جميعنا نفكر والكثيرون يخرجون بأفكار ملهمة، هذه الأفكار قد تكون نواة لمخترعات ومبتكرات مبدعة ومفيدة وغير مسبوقة، مع هذا لا نجد حراكاً في هذا المجال، لا نشعر أن هناك تشجيعاً قوياً وحيوياً في هذا المجال، قد تكون الآليات غامضة وصعبة على الكثير من الناس، فضلاً عن آخرين لا يعرفون من أين يبدؤون ولا أين يتوقفون.

إن كنا مهتمين بتنمية الأفكار وتشجيع العقول على إنتاجها، فيجب أن تتطور نظرتنا لأصحاب الأفكار، وأن يتم وضع آليات عملية تبدأ من تقديم الفكرة، وتصل إلى النقاش والحوار في الكيفية المثلى لتحويل تلك الأفكار المفيدة لمشاريع عمل. من النقطة التي نحتفي فيها بأفكار الآخرين والإعلاء من قدر أفكارهم، تبدأ عجلة الاختراع والابتكار.

نحتاج لقوانين واضحة ودعم متواصل ومستمر في هذا المجال، وهذه من شأنها أن تدعم وتشجع الابتكار والاختراع.

ومن الممكن أن تكون البداية من مرحلة رياض الأطفال، التي تعتبر خصبة ويمكن تشكيلها بالطريقة التي نريدها لهم في مستقبلهم الواعد، هذه الفئة يمكن الاستثمار فيها وتدريب عقولهم الغضة الصغيرة على التفكير المبدع وتشجيعهم على التعبير عن أفكارهم وما يجول في عقولهم، هذه النواة الصغيرة ستنمو، وسنجد أننا استثمرنا في المستقبل بشكل فعال وغير مسبوق.