الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

الاسم في «النّقا»

تنتشر هذه الأيام تسميات كثيرة لأشياء نعرفها واعتدنا عليها كثيراً، خاصة القهوة في تسميات أنواع القهوة، فتلك الأسماء الجديدة قد نستغربها، لأنها أسماء مجهولة بالنسبة لنا، فبعد أن كنا نتلذذ بالقهوة العربية الأصيلة جاءتنا القهوة التركية فقبلناها، وشاعت بين كثير من الناس! وظلت الحال كذلك حتى جاءت طفرة المقاهي في بلادنا، ولن أقول إنّها دخلت في صلب العادات والتقاليد، لأن المقاهي بالفعل دخلت ضمنها منذ مطلع القرن العشرين وقد ألفت حولها كثير من الكتب كما أنها أصبحت مادة رئيسية في الدراما والسينما والمسرح، حتى البرامج الإذاعية تسمّت بعضها باسم مقهى ما.

لكن تسميات القهوة التي شاعت منذ نهاية التسعينات وترسخت في الألفية الجديدة، مثل أمريكانو، كابتشينو، مكياتو، كورتادو، بيكولو، فرابتشينو وغيرها كثير، قلة قليلة من المقاهي التي تحس معها بفرق في طعم القهوة أو طريقة إعدادها، أما البقية فهم يهتمون بشكل الكوب وحجمه، وكذلك يهتمون بالرسمة التي ستوضع على وجه الكوب، كعادة المصريين أن يقدموا (قهوه بوِش) أي بوجه.

هذا يأخذنا إلى أن غالبية من تقدموا الصفوف لعمل القهوة، ليسوا أهلاً لها، إنما تجار أرادوا اللعب بالأسماء من أجل الكسب المادي، فهم يجيدون عمل الديكورات وتزيين المقاهي، بأجواء ساحرة واللعب بأشكال الأكواب، لكن قهوتهم لا تتعدى الماء المغلي مع البن واسماً رناناً دون طعم يُذكر.


هنا نتذكر المثل الشعبي: «الاسم في النّقا وكل من ياء انتقى»، والنّقا هو الرمل الأبيض، وقد استبدلت الجيم ياء في «جاء» لتصبح «ياءَ»، لضرورات اللهجة الإماراتية، وانتقى من ينتقي أي يختار، والمعنى هنا أن الأسماء منثورة كثيرة، والكل يستطيعون اختيار ما يحلو لهم.


وهو كناية عن أسماء تطلق على بعض الناس وهي لا تناسبهم، و كذلك إطلاق بعض الأسماء القوية وهي غير مناسبة لهم، كمن يكون اسمه محارب وهو جبان ومن يكون اسمه سخي وهو بخيل، ومن يُطلق اسم «العاصفة» على حمار بدعوى سرعته ويطلق اسم الزلزال على كلب بدعوى قوته.. وهذا منافٍ تماماً للقول السائد: (لكل مسمّى من اسمه نصيب).