السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

مصلحة وطن

عملت في لجنة حكومية تُعنى بالتوطين في القطاع الخاص، وكان من ضمن مخرجاتها المحتوى المحلي أو الوطني (ICV)، وأثناء عملنا قمنا بالاجتماع مع كثير من الطلاب والخريجين والباحثين عن عمل، لمعرفة وجهات نظرهم.

قابلنا كثيراً من الشركات في القطاع الخاص، لنعلم لماذا لا يوجد لديها توجه لتوظيف المواطنين، وبعدها وصلنا إلى مجموعة من الشركات لديها برامج توطين، ولكنها غير مميزة وعادية، إلا ثلاث شركات تُعتبر برامجها في التوطين نماذج مشرفة تُحتذى، وهي مجموعة الفطيم، وبنك أبوظبي الأول وشركة أغذية.

اطلعنا على تجربة مجموعة الفطيم، والتي عملوا عليها لأكثر من 15 عاماً، وتحدثنا مع المواطنين الذين يعملون لديهم بشكل رسمي وبغير رسمي، فوجدنا أنهم يحبون وظائفهم بالفعل. ليس جميعهم مديرين، فبعضهم كان على (الكاشير) وتطور أداؤه حتى وصل إلى مستوى مدير، وطلبنا منهم أن نضع زبدة تجاربهم في تقرير يمكن تعميمه، ولكنهم اعتذروا بلباقة، وأوضحوا أنه ليس من العدل أن يُسلموا برنامجهم للتوطين لمنافسيهم.


كذلك، شاهدنا مؤسسات وشركات لا تريد التوطين إلا كلَوحةٍ تزين بها بياناتها الصحفية دون تنفيذ حقيقي وواقعي، وشاهدنا موظفين حكوميين يريدون التوطين، ولكنهم لا يريدون أن يبذلوا الجهد والعرق.


تعجبك شركات تحقق أرباح بالمليارات، ولكن لا تزال خدماتها غير مقنعة وموظفوها أغلبهم أجانب، ومجالس إداراتها ينظرون للتوطين على أنه تقليل للأرباح سيؤثر على مكافآت مجلس الإدارة، وبعض هذه الإدارات- للأسف- يهمها النتائج الفورية، لأنها لا تضمن بقاءها لفترة طويلة على كراسيها.

تحدثت مع عضو مجلس إدارة إحدى الشركات الثلاث التي اعتُبرت ناجحة، وأبديت تساؤلي باستغراب: كيف أن بعض الشركات والمؤسسات المنافسة تخطف موظفيهم، وبالرغم من ذلك هم مستمرون في برنامجهم للتوطين؟

فذكرني جوابه بقيادات «زمن الطيبين»، وأوضح لي أن مغادرة بعض موظفيهم المواطنين بعد تلقيهم التدريب إلى جهات أخرى لا يزعجهم كمجلس إدارة، لأن من يغادرهم سيفيد بخبراته جهات أخرى، وهذه خدمة غير مباشرة يقدمونها لقطاع الأعمال الإماراتي.

انظر لهذا المسؤول الذي يهمه مصلحة الوطن على طول الخط، وقارنها مع بعض المسؤولين الذين يتعذرون بعدم توظيف المواطنين، بحجة أنهم يتدربون عندهم، وينتقلون إلى جهات أخرى، فتتشكل لديهم نظرات أنانية ليس فيها.. مصلحة وطن!