الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

الإمارات والعالم.. المبدأ التاسع

المبادئ العشرة التي اعتمدتها دولة الإمارات للخمسين سنة القادمة، تمثل رؤية استراتيجية والتزاماً قيمياً، يستحق الاحترام.

يتعلق المبدأ الأول بتقوية الاتحاد، والثاني ببناء الاقتصاد، والثالث بالسياسة الخارجية وخدمة الأهداف العليا للوطن، والرابع برأس المال البشري، والخامس بمبدأ حسن الجوار، والسادس بترسيخ السمعة العالمية للدولة، والسابع بالتفوق الرقمي، والثامن بمنظومة القيم القائمة على الانفتاح والتسامح، والتاسع بالمساعدات الإنسانية، والعاشر بالحوار والسلام كأساس.

تحتاج البنود العشرة إلى قراءة وتحليل، ويحتاج المبدأ التاسع إلى وقفةٍ مطوّلة، ذلك أنه يجعل من البعد الإنساني مبدأ أساسياً من مبادئ دولة الإمارات، في نصف القرن القادم.


يشير المبدأ التاسع إلى أن المساعدات الإنسانية الخارجية هي جزء لا يتجزأ من مسيرة الدولة، والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظّاً، وأن تلك المساعدات الإنسانية لا ترتبط بدينٍ أو عرقٍ أو لونٍ أو ثقافةٍ، وأن الاختلاف السياسي مع أي دولة، لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات.


إن الدور الإنساني لدولة الإمارات يشكِّل ملمحاً أساسياً في صورتها لدى العالم، وفي العشر سنوات الفائتة وصلت قيمة المساعدات الخارجية الإماراتية إلى (56) مليار دولار، وهو رقم كبير للغاية، وهو ما جعل الإمارات تحتلّ المرتبة الأولى عدة مرات، لأعلى المانحين الدوليين للمساعدات الإغاثية مقارنة بالدخل القومي الإجمالي.

تمضي الإمارات في مجال المساعدات في طريقين متوازييْن، أحدهما يخص المساعدات التنموية، والثاني يخص المساعدات الخيرية. ولا يكاد يمر أسبوع واحد من دون دعم إماراتي بإحدى الطريقين في نحو 50 دولة حول العالم.

تقدم أكثر من 30 جهة ومؤسسة إماراتية المساعدات الخارجية، وهي مساعدات غير مسيّسة. في هذا الإطار كان طبيعياً أن تقدم الإمارات المساعدات للشعب الأفغاني عام 2020، في ظل حكومة الرئيس أشرف غني، ثم تواصل المساعدات عام 2021، بعد سقوط الحكومة وسيطرة حركة طالبان.

يمكن للمرء أيضاً أن يرى خريطة مساعدات واسعة، تمتد من مخيمات اللاجئين الروهينجا في بنغلاديش، إلى ضحايا الإعصار في جزر القمر، إلى مستشفيات الأطفال في كوسوفو.

ومن قبل الجائحة ومن بعدها، يحتاج مئات الملايين حول العالم المساعدات الإنسانية، من أولئك الذين يعانون شحّ المياه، أو سوء التغذية، أو نقص الطعام، أو انعدام التعليم، إلى تدهور الأمن. ومن دون الدور الإنساني لدعم الدول الأقل حظاً، سيكون العالم أكثر شقاءً وبؤساً.

إن المبدأ التاسع في استراتيجية الإمارات لنصف القرن المقبل، يمثل ترسيخ الدور الإنساني الذي بدأ مع تأسيس الدولة، ثم ها هو يواصل الفعل والعطاء.