الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

التسويق ليس عملية تجميل

«التسويق ليس عملية تجميل، ولكن أسلوب علاج ودلالة على مستوى صحة العلامة التجارية للشركة» رغم أن هذه العبارة منطقية تماماً بالنسبة للمسوقين المحترفين، فإنها غير مفهومة بالنسبة للمؤسسات والشركات المختلفة، خاصة أن مفهوم التسويق عادة ما ينحصر بالنسبة للكثيرين في أدوات التسويق ومنصاته المختلفة، أو الأسوأ من ذلك وهو عمليات المبيعات. ما يعكس ضبابية في مفهوم التسويق بالنسبة للكثيرين، ينتج عنه عدم قدرة على فهم عدم نجاح الحملات التسويقية، رغم الميزانيات المرصودة لتصميم شعار، أو موقع إلكتروني يحبس الأنفاس.

تتكون العلامة التجارية المستدامة من خمسة عناصر أساسية هي الثقافة المؤسسية، المحتوى والرسائل، الخدمات والمنتجات، تجربة العملاء، والهوية المرئية، ويكمن الحمض النووي لهذه العلامة في العنصر الأول بالتحديد، لأن العملاء والمستهلكين الذي لا يتوقفون عن تغيير توجهاتهم ورغباتهم، يتخذون قرارات الشراء والتعامل مع العلامات التجارية بناء سلوكها مع عملائها الداخليين، وخياراتها للموردين ومزودي الخدمات، وحتى توجهاتها البيئية والسياسية.

ما يجذب المستهلكين لأي علامة تجارية هي القدرة على إحداث تأثير متراكم بمرور الوقت

إن الاستثمار في مجال صياغة هوية العلامة وحدها لا يكفل الاستدامة التي يجب أن تسعى إليها المؤسسات، ولكن التركيز على «الوعد» الذي تقطعه المؤسسة على العميل، وتعمل جاهدة لتحقيقه، تجنبا لمشكلة «فجوة العلامة» والتي تعكس التناقض بين القيم التي يعتقد ويقول أصحاب المشاريع إنها تمثلهم، وما يحدث على أرض الواقع، في زمن لم يعد بوسع أي شركة إخفاء الحقائق فيه، خاصة مع جيل جديد، يعرف دائماً أكثر مما نعتقد أننا نعرفه عن الأشياء.

ما يجذب المستهلكين لأي علامة تجارية هي القدرة على إحداث تأثير متراكم بمرور الوقت، قائم على التواصل الحقيقي في داخل المؤسسة، والأصيل خارجها، هذا التأثير يقوم على المبادئ التي تؤمن بها قيادة المؤسسات وتنعكس من خلال سلوكهم اليومي، وربما مثلت فضائح بعض الشركات العقارية مثالاً صارخاً، لما يعنيه أن تضع الشركة قيمة الشفافية على سبيل المثال ضمن دستورها المؤسسي، بينما تشير ممارساتها اليومية إلى عكس ذلك. وهذا يجعلنا نطرح تساؤلاً عما تعنيه ديباجة «الرؤية، الأهداف والقيم» التي تمثل تكراراً ساذجاً بين معظم الشركات، من دون أن تترجمه على أرض الواقع دراسات قائمة للوضع الحالي على التفكير التصميمي وبحوث السوق.

التسويق المستدام هو ليس مجرد خطط تسويقية منفصلة عن الواقع، ولا أسلوب لتغطية أنشطة المؤسسات الإيجابية، بل هو شراكة متكاملة بين القيادات المؤسسية والعملاء الداخليين، قائم على دستور أخلاقي يوضح طبيعة السلوكيات اليومية التي يجب أن تترجم ثقافة المؤسسة الداخلية، أثناء تعاملها المباشر مع عملائها الخارجيين، ومتى ما تمكنا من فهم هذا الأمر، فلن نرى هذا التهافت الصارخ على تغطية اتفاقيات الشراكات وتقارير الأداء السنوية والزيارات، والذي تنحصر فيه معظم الأنشطة التسويقية هذه الأيام.