الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

تضخم 2022.. والتحوط منه

ارتفعت نسبة التضخم في 2021 بشكل مفاجئ نتيجة أسباب عدة تضافرت مع بعضها وأوصلته لأعلى مستوى منذ 40 عاماً.

من أهم هذه الأسباب هي عودة الطلب على الخدمات والسلع بشكل كبير بعد قرابة عامين من الاستهلاك نتيجة الإغلاق المتكرر للاقتصاد جراء تفشي جائحة كورونا ومتحوراتها.

عودة الطلب الاستهلاكي برغم إيجابيته كشف مدى عدم استعدادية الطاقة الإنتاجية لمقابلة الطلب وذلك نتيجة عزوف المنتجين عن الاستثمار الرأسمالي للإبقاء على جاهزية الطاقة الإنتاجية.

في قطاع الطاقة على سبيل المثال قللت شركات الطاقة الإنفاق بعد أن انخفض سعر برميل النفط لمستوى سالب في أبريل 2020، نتيجة شلل شبه كامل للاقتصاد العالمي واختفاء الطلب على النفط ومشتقاته. شركة أكسون موبيل خفضت الأنفاق الرأسمالي ب 10 مليار دولار والشركة الإيطالية إيني سبا بـ2 مليار يورو وبتروبراز البرازيلية بـ3.5 مليار دولار.

عندما عاد الطلب في 2021، لم يكن هناك نفس فائض الطاقة الإنتاجية الذي كان يلعب دوراً «مهماً» في كبح جماح الأسعار والحد من تذبذبها عند الحاجة. النتيجة كانت ارتفاع سعر النفط بـ82% منذ بداية 2021 وبـ390% من أدنى مستوى خلال السنتين الماضيتين في أبريل 2020.

الانكشاف الاستثماري على الأصول المالية هو ربما الطريق الوحيدة للتحوط من التضخم

السلع الزراعية كذلك شهدت ارتفاعات قياسية بحسب مؤشر منظمة الغذاء العالمية (الفاو) وذلك نتيجة عوامل مركبة منها ارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة، وكذلك التغييرات المناخية مما يجعلنا نتوقع أستمرار ارتفاع أسعار الغذاء حتى بعد انحسار جائحة كورونا.

الجدير بالذكر أن تضخم أسعار الغذاء يؤثر بشكل أكبر في اقتصادات العالم العربي وتحديداً «بلاد الشام ودول شمال أفريقيا لأن الإنفاق على الطعام يمثل نسبة مرتفعة جداً» من دخل الأسر يصل إلى 40% مقارنة بـ9% في الإمارات و14% في كل من الكويت والبحرين.

السؤال: كيف يمكن التحوط من التضخم؟

الجواب بداية يكمن في تحديد نقاط الضعف في الموقف المالي أو المحفظة الاستثمارية التي لا تسمح بالتحوط بالشكل الأمثل. أحد نقاط الضعف هي الادخار بنسبة أقل من التضخم كما هو الوضع حالياً في معظم بنوك العالم، أو الادخار بعملة تخسر قيمتها بنسبة أكبر من مجموع نسبة عائد الادخار ونسبة التضخم معاً.

ثانياً: فهم أن التضخم هو سلاح ذو حدين ويمكن استغلال ارتفاع الأسعار لزيادة الثروة الشخصية، ولكن لن يحدث ذلك إلا عن طريق الانكشاف الاستثماري على الأصول الاستثمارية.

إذا أخذنا الذهب على سبيل المثال، سنجد أن متوسط الارتفاع السنوي (بالدولار) للـ15 سنة الماضية هو حوالي 8% وفي 2020، سنة تفشي جائحة كورونا، ارتفع المعدن الأصفر بـ24.6%. ومتوسط الارتفاع السنوي لمؤشر الأسهم الأمريكية SP500 منذ العام 1950 هو 7.5% وارتفع بـ95% منذ أبريل أدنى مستوى له بعد تفشي الجائحة في أبريل 2020.

الانكشاف الاستثماري على الأصول المالية هو ربما الطريق الوحيدة للتحوط من التضخم ولكنه ليس دون مخاطر، فقبل البدء في إنشاء محفظة استثمارية لا بد من فهم هذه المخاطر ووضع خطة للتحكم فيها.

هي مهارة يمكن تعلمها، والتحوط بالأصول خاصة أن اليوم أصبح تكوين محفظة استثمارية متاحاً حتى لمحدودي الدخل، ويجب أن يكون في اعتبار أي أسرة لتتقي غول التضخم الذي إذا أهمل، له القدرة على التهام المدخرات، وتقويض القوة الشرائية لدخل الأسرة مما يحرمها من الإنفاق على بنود مهمة كالتعليم والصحة، والتي تعتبر من بنود البناء للمستقبل.