الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

القارب الأكبر.. وأوبك بلس

مع كل أزمة سياسية دولية يتزايد الحديث عن منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، ودورها المحوري في المحافظة على استقرار الاقتصاد العالمي. تتسابق الدعوات من الدول الغربية الباحثة عن مصالحها لدول الأوبك لتهدئة الأسواق وزيادة الإنتاج، والذي سيضر بمصالح الدول المنتجة، وكأن دول الأوبك هي المسؤولة عن افتعال تلك الأزمات بتهديدها السلم العالمي.

الواقع والتاريخ يشهدان أن تصادم الدول الكبرى واختلاف مصالحها هما المحركان الأساسيان للصراعات الدولية، وأن طموحات السياسيين والقادة ونزواتهم، إما لأغراض داخلية أو البحث عن أدوار خارجية، كثيراً ما تؤدي بالعالم إلى مغامرات كارثية لا ناقة ولا جمل للشعوب الأخرى فيها.

في الجانب المقابل، لا يتناسب الوزن الاقتصادي لدول الأوبك وإمكانياتها الهائلة مع دورها السياسي المحدود، فالقدرة على الفعل تبقى محصورة في مساحات ضيقة، وإن تحسنت في السنوات الأخيرة بفضل التحركات السياسية النشطة لبعض أعضائها كدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

قارب الأوبك يسير في بحر متلاطم الأمواج، وكلما زاد حجمه ازدادت قدرته على الصمود ومقاومة العواصف

في العام 2016 دخلت منظمة الأوبك في تحالف جديد مع 10 دول منتجة للنفط من خارج المنظمة أُطلق عليها «أوبك بلس»، وذلك لتنسيق الجهود فيما بينها لضبط السوق النفطية من عشوائية الإنتاج والحد من تدني الأسعار، وتمكين دول التحالف الجديد من المحافظة على سلعتها الاستراتيجية ومصالحها في مواجهة الضغوط الخارجية.

وكما في الفيلم الشهير «الفك المفترس» وعبارته التاريخية “ستحتاج لقارب أكبر.. you’re gonna need a bigger boat"، استشعرت الأوبك أهمية هذه الدول وعلى رأسها روسيا الاتحادية في استقرار سوق النفط، وارتأت أن التحالف الجديد يضمن التحكم في 50٪ من الإنتاج العالمي، فروسيا الاتحادية هي ثالث دولة منتجة للبترول في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، كما أنها تتمتع بثقل سياسي واقتصادي مهم يعزز مواقف الدول المنتجة. فقارب الأوبك يسير في بحر متلاطم الأمواج، وكلما زاد حجم القارب ازدادت قدرته على الصمود ومقاومة العواصف.

إن تعزيز تحالف أوبك بلس وتدعيمه باتفاقيات ملزمة يشكل ضمانة لتوحيد مواقف الدول المنتجة والثبات عليها ويمنحها دورها الطبيعي في حماية مصالحها والتطلع لسعر عادل لبرميل النفط.

السعر العادل هنا لا يختص فقط بالنفط دون غيره من السلع، بل يجب مقارنته بأسعار الغذاء والدواء والتكنولوجيا وغيرها من المنتجات الحيوية، فالشمولية في الطرح تعزز فرص النجاح لأي اتفاق يتم الحديث عنه أو صياغته لاستقرار سوق الطاقة العالمي، والنفط في النهاية سلعة ناضبة، لذا تسعى الدول المنتجة من خلاله إلى تحقيق أعلى درجات التنمية والرخاء لشعوبها في سباق مع زمن محتوم بنهاية.